محال أن يقارن صاحب البصيرة وذو العقل الراجح وأولي الألباب قاطبة بين ٢١ سبتمبر 2014 و 26 سبتمبر 1962 فلا يستوي الأعمى ولا البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور
ظلت الأمة اليمنية منذ أواخر القرن الثالث الهجري وتحديدا حين وصلها الهادي بأنصاره أول الأئمة الزيدين وحتى أواخر القرن الرابع عشر الهجري وحين قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تتطلع الى يوم الخلاص والانعتاق من أئمة الجور وسلاطين السلالية وملوك العنصرية والذين لم يقدموا للأمة إلا الحروب والظلم والاستبداد والتخلف والجهل والعزلة وعلى كل الاصعدة الحضارية وبكل مستوياتها لم يقدم هؤلاء الأئمة للأمة والملة والحضارة ما يستحق الذكر في أسفار التاريخ ودواوين الأدب إلا ما ندر والنادر لا حكم له.
عشرة قرون تعاقب على اليمن عشرات الأئمة انحسروا وتقوقعوا فكرياً وثقافيا بل وجغرافيا في مناطق محددة بينما تزامن معهم ظهور بعض الدويلات اليمنية والتي انفصلت عن الدولة العباسية كان لها أثر ملموس في الارتقاء بمظاهر الحضارة الاسلامية عامة واليمنية خاصة واصبحت عواصمها منارة علمية وفكرية ومهوى لكثير من المغرمين بالعلم والثقافة بل وأصبحت شهرتها تصل إلى الصين وليس أدل علئ ذلك الا الدولة الرسولية وعاصمتها تعز وملوكها المظفر وابنه داوود ففي حين كان نجم الدولة الرسولية لامعا ويهتدي به الكثيرون كان الأئمة خلفاء الهادي في صنعاء وصعدة وذمار يتناحرون فيما بينهم على الحكم وينحرون كل من تسول نفسه رغبته في الحكم (نشوان الحميري أنموذجا) بل وكانوا - الأئمة- يغيرون على كل من خالف رأيهم وفكرهم ولو كان من سلالتهم (المطرفية وما جرى لهم من تنكيل من عبدالله بن حمزة).
لقد أدرك ثلة من الضباط الأحرار ومعهم نفرٌ من الشباب المتحرر والمتقد ثورة أن حكم الأئمة ما كان إلا ثالوثاً مرعباً من الفقر والجهل والمرض وأنه آن الأوان لأن ينفى من الأرض إلى غير رجعة، فكانت صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر هي ميلاد الحرية والثورة على ظلم جثم قروناً عديدة وظل هذا اليوم في ذاكرة اليمنيين طريا متجددا في كل عام يحتفلون به فيَذكر الاجداد والآباء كما هائلا من الطغيان الذي نال الأمة من قبل الأئمة باسم الدين والآل ويسردون سردا محزنا من الآلام والأوجاع نالتهم غير أنهم يختمون ذلك السرد بقولهم : والحمد لله رب العالمين على قيام ثورة ٢٦ سبتمبر..
إن ٢٦ سبتمبر كان ميلاداً لحرية الكلمة والرأي ومنح الحقوق بينما ٢١سبتمبر كُممت فيه الأفواه وصودرت فيه الحريات وأُنبِتت فيه السلالية والعنصرية واستُنسخت الطائفية بكل أشكالها..
لقد أعطى ٢٦ سبتمبر للهاشميين على وجه الخصوص حقوقاً في العهد الجمهوري ما كانوا لينالوها لو أنهم أُخِذوا بجريرة عرقهم أو موالاتهم للحكم الإمامي لقد تبوأوا المناصب الرفيعة في كل مفاصل الدولة ومُنِحوا من الحقوق مالم يمنحها غيرهم في حين كان ٢١ سبتمبر لعنة على كل يمني رفض حكم الغصب والقهر والشعار الكاذب ولو كان هاشميا قرشيا.
إن الشهيد أبي الأحرار الزبيري ومعه رفيق دربه النعمان والشهيد علي عبدالمغني لم يشتركوا مع غيرهم في ثورة ٢٦ سبتمبر ليتطاولوا بالبنيان في الستين والدائري والخمسين ولم يكن لهم مليشيا يحاصرون بها المدن ويستبيحون أرض وعرض أهلها ولم يضع الزبيري عمامته أو النعمان شاله او علي عبدالمغني قبعته على قارعة الطريق أو أبواب المساجد ليشحت بها ولو خمسين ريالا لدعم ثورة ٢٦ سبتمبر كما يفعل اليوم انصار 21 سبتمبر والذين يشحتون باسم الإله والآل والملة والأمة لدوام بغيهم وتمردهم بينما خزائنهم وبطونهم متخمة بأموال الشعب التي نهبوها.
سيبقى السادس والعشرين من سبتمبر يوما وطنيا مشرقا بامتياز بينما الواحد والعشرين من سبتمبر يوما حوثيا منبوذاكقبر ابي رغال وكيوم الاخدود وكيوم عُبد فيه عجل بني اسرائيل لايشاطرهم فيه أحد الا من ضل عن الهدى واتبع سبيل الغواية والردى.
عبد الخالق عطشان
سبتمبر الحوثي وسبتمبر الوطني 1004