كم نحتاج من الدروس لنتعلم، حياتنا كلها دروس وعبر، وللأسف نكرر الخطأ، البعض يتوه عن الحقيقة وهي واضحة أمامه كوضوح الشمس، للحرب مستفيد وهو من أشعل عود ثقابها الأول، كل السياسيين والمثقفين حتى المواطن العادي بمختلف توجهاتهم يدركون خطورة الحرب وتداعياتها وتكلفتها، وهناك من يرى أنها مفيدة له وهي مخرجه الوحيد من أزمته، لا يمكن لإنسان وطني حر يرفض لوطنه الخير ويريد له الشر، يرفض حواراً وطنياً يرسم مساراً تحولياً لتغيير واقع مخزٍ لواقع أفضل سلمي وسلس، يلبي طموحات كافة الشرائح والطوائف والمناطق، يصلون لصيغة مشتركة للتعايش والعيش الكريم دون فرض ولاية أو حق منتزع بقوة السلاح أو إرث مكتسب من قرون كان سبباً فيما نحن فيه من هم وغم وصراعات وشقاق.
كانت حربهم هم تجارها والمنتفعون منها، مستخدمين الفلتان الأمني والسياسي، وغياب مؤسسات الدولة وعجزها على ضبط الشارع وإيقاع الحياة، هذا هو واقع الحروب يتصيده صائدو الفرص باستغلال المعانات، وإذا بهم ينعمون على حساب الآخرين ومعاناتهم وآلامهم، فيتمنون استمرار الحرب فيغذونها بالإشاعات والفتن وتفكيك أواصر المجتمع، بشيطنة أطراف لصالح أطراف، حرب حركت المجرمين والفاسدين والمقامرين بمصالح الشعب ومصائره ولقمة عيشه وحياته وتجار الأزمات من انتهازيين ومتسلقين ومتملقين الذين لا همَّ لهم سوى مصالحهم الشخصية وجمع الأموال، مستفيدين من علاقاتهم مع شخصيات وُكّلت إليها مسؤوليات ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالمصالح العامة للشعب من إغاثة وإنقاذ.
نحن في اليمن نواجه أعتى نظام فاسد موصوف باندثاره لمنظومة القيم الوطنية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، مستخدماً سياسة فرق تسد، غذاء الهويات الفرعية الطائفية والمناطقية والسياسية على حساب الهوية الوطنية، دعم نافذين وأسس خلايا للعبث هم متعهدوه السياسيون في كل حروبه المصطنعة لبقاء كيانه العفن هم اليوم وتجار الموت الذين أصبحوا أثرياء من المال العام، وهم الذين استفادوا من إغلاق الموانئ واضطراب التجارة وظروف الحرب ليكُّونوا ثروات غير عادية، بمتاجرتهم باحتياجات الشعب أثناء الحرب، سماسرة العنف، هم من يديرون المشاورات ويعيقونها، هم من يديرون الإعلام للحشد والتحريض لاستمرار الحرب للصمود والتصدي من شعب أنهك ومنتهك الكرامة والعزة فاقد الحياة ينتظر الموت في كل لحظة يعيشها.
كثير ممن أعرفهم فنانون مبدعون مثقفون أكاديميون، قد تراجعوا خطوات من مواقفهم مع هولا، قصة الحشد الطائفي، والصمود والتصدي، يلعب دوراً في فضح خططهم، كيف لشعب منهك يصارع لقمة العيش معرض للمجاعة، مهدد بالجوع والموت لأسرته وأطفاله نطالبه بالصبر والصمود، والنعمة بادية في وجوههم وكل عناصرهم صاروا أثرياء.
سئمنا من أصواتكم، من مبرراتكم، لوثتم كل شيء، حتى الأقلام سممتموها بأقوال توحي إصلاحا وأفعالا تدمر كل شيء، في تغييب الحقائق والكلمة الحرة والصوت الصريح، جميعهما مكبلين بقيود السجن أو الحضر أو التزفير، كل الكفاءات أقصيت واستبدلت بالسذاجة والغباء، فتعطلت المنافع وعمت الفوضى ويتفشى العبث وتناسل الأطماع وتربعت الطائفة واحتكر الشأن الوطني، أعطوا لأنفسهم الحق في توزيع الوطنية على من يشايعهم آراءهم، ويسري في ركابهم، وقطع رقاب من يعارضهم، ولكنها غمة وستزول، ودروسنا معهم قاسية لازالت معالمها فينا بادية، نحن أمام مفترق طرق، أن نكون أو لا نكون وسنكون بإذن الله، وهي المرحلة الفصل في التحرر من تسلطهم وقوتهم المنهارة ولنا في دروس عبر يا أوليا الألباب.
أحمد ناصر حميدان
الدرس الأخير أيها الشعب 1382