📖 قال تعالى : [{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِه وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ()قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم }] " القصص: 15-16" .
🔴 عندنا تتفعّل الرّقابة الذاتية، والنقد الذاتي، والمراجعات الشخصية للأقوال والأفعال والمواقف والممارسات الفردية والجماعية عند الأشخاص، عند الساسة والقادة والدعاة الذين يحملون المهام ويؤدون المهمات في مجتمعاتهم، ويكون هذا التفعيل الإيجابي سمة بارزة ملازمة للداخل الإنساني، وللتصرف الشخصي، وتظهر في السلوكيات اليومية الخارجية مع الناس، فإننا لسنا بحاجة إلى بقاء ذرات من الكبر والتعالي والعجب والإعجاب بالنفس، لسنا بحاجة إلى بقاء ذرات من الشح المطاع والهوى المتبع، والمصلحية المتحكمة، وتبرئة النفس والذات والأنا واتهام الغير.

🌻لسنا بحاجة إلى بقاء ولو ذرات من الحقد والحسد والبغضاء في القلوب، بل هناك سنتخلص إلى الأبد من التفكير الإلغائي والإقصائي للآخرين بغير وجه حق، ذلك أن المواجهة الذاتية الذاتية، والمحاسبة النفسية النفسية، والمراجعة الفردية والجمعية للتوجهات، والإفصاح عن القيم الخلقية السامية، والمثل العليا، والتسامي بالتعامل الجاد مع الآخرين أصبح اليوم حاجة مُلحّة وضرورة وفريضة للأشخاص والهيئات والسلطات والشعوب، وكل الأعمال المؤسسية الدينية والمدنية على السواء.

💢 عندما يعترف الشخص المخطئ لمن أخطأ عليه فردا أو جماعة أو هيئة، ويتحمل مسؤوليته عما فعل بالتلميح والتصريح والقول والفعل، ويسارع لترميم وإصلاح ما أحدثه في حق ربّه ودينه، وفي حق نفسه وأهله وجماعته ومجتمعه، ويتخلص من أوزاره وأثقاله في حق الآخرين أفرادا أو هيئات، ويعلن أنه ظلم نفسه كما قالها موسى - عليه السلام- لربه [{ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي }]، ثم يتعامل بإيجابية فاعلة، هنا تكون الشخصانية قد ذابت، والمبدئية قد ظهرت، هنا تكون الأناوية والعصبية قد تلاشت، والغَيْرِيّة والآخَرِيّة قد برزت، وعليه نكون قد أفلحنا ونجحنا ونجونا وتعايشنا بحق وحقيقة.

 🔴 وعندما نرى في عالمنا اليوم من يقول لفعله الخاطئ لقد أخطأتُ وأسأتُ، وأن هذا التصرف السيئ الذي قمت به في حق ديني، في حق قومي، في حق جماعتي، في حق إسلامي، في حق دعوتي، في حق مجتمعي، في حق شريعتي، في حق أتباعي وتلاميذي، في حق اساتذتي ومشائخي، في حق إخواني، في حق عدوي وخصمي، في حق حزبي، في حق زملاء مهنتي، في حق الأشخاص والأوضاع والأحوال إنه خطأ، وأنه من عمل الشيطان، ثم يقول مثل ذلك لمن أخطأ وتجاوز حده وضرَّ بالآخرين أيان كان هذا المخطئ في القمة أو في القاعدة، في القادة أو في الساقة، أكيد تتحقق فينا خيرية هذه الأمة بكل ما تحمل كلمة الخيرية من معان [{ كنتم خير أمة أخرجت للناس }].

🌻 ثم بعد تلك المراجعة والمحاسبة يبادر إلى طلب التوبة والمغفرة من الله، وتقديم الاعتذار للخالق المالك على الحقيقة وهو الله ، ثم الاعتذار لأخيه الإنسان، للشعب، للوطن، لصاحب الحق والحقيقة، والإقلاع عن الذنب هناك ستكون الاستجابة الإلهية الفورية للعبد الراجع التائب الآيب .[{ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ()قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}]، ونكون قد اهتدينا واقتدينا واستفدنا من سلوكيات أنبياء الله ورسله كما هي مسجلة في القرآن.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك- جامعة تعز.