الأحلام البعيدة، هي تلك الأحلام التي أسقيتها كل أوقاتي وغذيتها اخضرار شبابي وريعان أيامي لتشب على الأمل المعهود لأرى نفسي تلك التي تخيلتها وظللت أرسمها ليل نهار.
هي أحلامي وليدة الحظة وطويلة المدى.. وهي التي أصبحت بعيدة المنال، فكم من حلم حلمته، وهو معلق بوطني الحبيب، وكم من أمل نحرص عليه مرتبطٌ بصلاح البلاد، وكم من نفس تنفسته حباً فيك يا وطني.
لله ما أروعه ذلك الخيال الفريد الذي يداعب أجفاني قبل المنام بكل عفوية وبراءة، الذي أرى من خلاله وطناً جميلاً هادئاً ومستقراً تناجي العصافير فيه خرير المياه ويغازل النسيم أغصان الأشجار وتغفو المنازل على حنين الليل، وتستيقظ البشرية على الابتسامة الجميلة فتُرسم أمام عيني لوحة حبٍ أبدية.
ليته يستمر خيالاً جميلاً أفضلَ لي من واقعٍ سلبت الحرب فيه أحلاماً لي علقت عليها كل حياتي، وليتني لم أفق على الواقع المؤلم الذي أسمع فيه بكاء الثكالى وصراخ النساء، وتذبحني كثيراً وجوه الأيتام الشاحبة التي تحكي قصة وطنٍ ذبحته حرب قاتلة.
تؤلمني كثيراً أحوال الناس الذين كانوا رموزاً للسعة والبذل تشع الراحة من جبينهم كيف أصبح حالهم اليوم بعد ما فقدوا منازلهم وأبناءهم ووسائل الحياة العادية.. كانوا كباراً رافعي رؤوسهم وقد أنهكتها الهموم والآلام.
فرقٌ شاسع عشته بأحلامٍ تأكدت اليوم أنها كانت مجرد أحلام يقظة كسحاب خير طلت على حديقة غناء فشعتها رياح غريبة.
ليت أحلامي الجميلة التي كانت تملؤني حباً وتغمرني حنيناً.. ليتها تظل تنتظرني؛ فأنا مازلت أنتظر الفرج الذي ينتظره كل فرد في الوطن..
حماك الله يا وطني الحبيب.
إفتخار عبده
أحلام في زمن الحرب 1105