يوم الثلاثاء الماضي, قام وفد رسمي وشعبي من تعز, بالنزول إلى عدن لزيارة الرئيس الشرعي/ عبدربه منصور هادي، شمل الوفد مسؤولين تنفيذيين بالمحافظة وكيل المحافظة ومدراء عموم، وأيضاً من السلطة المحلية على مستوى المحافظة وأمناء عموم المديريات، ومن أعضاء مجلسي النواب والشورى، ومن مشايخ وأكاديميين، ومن شباب ومنظمات مجتمع مدني، فقد كان الموكب بحجم محافظة تعز.. انطلقنا في الصباح الباكر, مررنا على النقاط العسكرية مع مرافقينا المسلحين، وتعاملت معنا النقاط العسكرية بمنتهى الذوق والاحترام، وكان لديهم بلاغ مسبق بقدومنا، والنقطة التي لم يصلها البلاغ كان مسؤولها يبلغ فيصله التوجيه بتسهيل مرورنا، طوال الطريق.. لم نجد نقاطاً لمليشيات أو أعلاما شطرية مرفوعة على أي نقطة، بعكس نزولنا السابق قبل عدة أسابيع أثناء ما كان الرئيس هادي في الإقامة الجبرية بصنعاء، بتلك الفترة نزلنا وفد من تعز والتقينا بوفود من معظم المحافظات كما التقينا بالأخ محافظ عدن وأصدرنا بياناً في حينه رفضا للانقلاب وتأييدا لشرعية هادي، في تلك النزلة كنا نجد بعد كل نقطة عسكرية نقطة أخرى للمليشيات المسلحة رافعة العلم التشطيري، وهذا مالم نجده في هذه النزلة أبدا..
حوالي الساعة العاشرة صباحا وصلنا إلى المعاشيق "مكان القصر الرئاسي" وفتحت لنا الحراسات دون تفتيش حتى وصلنا النقطة الأخيرة- مقابل قاعة فلسطين- استقبلونا بكل احترام، وكان لديهم كشف بأسماء الوفد استعرضوه وعلى ضوئه تم دخول الوفد مع سياراتهم ووضعت السيارات بالحوش، ومن ثم تم تفتيش أعضاء الوفد للتأكد من عدم اصطحابنا لأي سلاح أو هاتف واستقلينا باصات معدة لنقلنا إلى القاعة المهيأة للقائنا بالرئيس.
في الساعة ١١ صباح نفس اليوم, حضر إلينا الأخ الرئيس وطلب منا أن نبدأ بالحديث، وكنا قد اتفقنا مسبقا على المتحدثين، تم الحديث من قبلنا بصراحة ووضوح وبهم وطني بعيدا عن أي مزايدات أو تصعيد أو استهداف لأحد، وكان هم الوطن حاضرا في كل عبارة تصدر منا، بدأناه بتهنئته بسلامة الوصول، وتناولنا كل الجوانب والهموم..
وللأمانة والتاريخ فقد كان صدر الأخ الرئيس رحبا ويستمع باهتمام وتفاعل، وبعد أن أنهينا كلامنا، تحدث الأخ رئيس الجمهورية حديثاً مفصلاً واضعاً النقاط على الحروف, بما تم وما يجب أن يتم مستقبلا، كان خطابا من القلب يحمل المشروع الوطني الشامل وهمّ كل مناطق اليمن بدون استثناء، شعرنا بصدق مشاعره، وتوجهه الوطني الصادق، وبعد انتهاء اللقاء أراد الرئيس أن يكرم الوفد بدفع تكاليف الغداء، فكان رد الجميع بالشكر له وأننا في هذا الظرف نريد من الجميع المحافظة على الوطن ومستعدون للتضحية بما نملك، واعتذرنا عن استلام ذلك، خرجنا جميعا بانطباع طيب وتبددت كثير من الشائعات التي كانت عالقة في رؤوسنا..
أقول ذلك ويجب أن لا يفهم أني أريد القول إن كل شيء على ما يرام وان الأمور مستقرة تماماً، فهذا الكلام لا يقوله عاقل، فوضع بلادنا في خطر سواء في صنعاء أو عدن أو أي محافظة أخرى، ولكن وجدنا صدق التوجه، مع ضرورة أن يدعم هذا التوجه من قبل كل شرفاء الوطن بكل مكوناتهم أحزابا ومنظمات وشخصيات اجتماعية، وأتمنى على هذه الأحزاب والمكونات أن تكثف زياراتها للأخ الرئيس ولكل من يهمه أمر الوطن، وان يكونوا صادقين في نصحهم وتوجهاتهم وان ننحاز جميعا للوطن لا للأشخاص.
كما أتمنى على القيادات الوطنية من كل الاتجاهات أن يزوروا قياداتهم العليا ويتدارسون معهم وضع الوطن ويقدموا لهم النصح والمشورة وفق ما يجب أن يقولوه لهم لا وفق هوى أنفسهم وما يحبون أن يسمعوه، وأن يقدموا ألهم الوطني على كل المصالح الحزبية والفئوية، وان يكون الانحياز للوطن لا للأشخاص..
فمثل هؤلاء الوطنيين الصادقين جميل أن يذهبوا للرئيس السابق ويكاشفوه ويقدموا رؤاهم ونصائحهم بما يملي عليهم واجبهم الوطني.. وأنصار الأخ عبدالملك الحوثي جميل أن يذهبوا لزيارته ويطرحون له آراءهم ووجهة نظرهم الوطنية التي تحفظ الوطن وتفيد الجماعة وتجعلها ضمن مكونات الوطن، لا المتفرد فيه، فمثل هذه المواقف يمليها الواجب والضمير والمسؤولية أمام الله أولا وأمام التاريخ ثانياً، وخاصة في هذا الظرف الخطير الذي تمر به بلادنا، فجميعنا على سفينة واحدة، وما لم نحافظ عليها فلن ينجو أحد منا من الغرق.
أسأل الله أن يحفظ بلادنا ويوحد كلمتنا على الخير والصلاح.
محمد مقبل الحميري
زيارة وفد تعز للرئيس هادي 1825