اختص الرسول- صلى الله عليه وسلم- اليمانيين بإضفاء عليهم أوصافا لم يضفها على غيرهم في أكثر من أربعين حديثا كلها تمجد اليمانيين في حالة استثناء نادرة لم يحض بمثلها غيرهم.
ومن هذه الأوصاف الجليلة أن اختصهم بصفة (الحكمة والإيمان) فأصبحوا شعب الإيمان والحكمة في السيرة النبوية..وكان ذلك وساما رفيعا وضعه الرسول على صدور اليمانيين ليس له مثيل.
ودارت الأيام وتعاقبت السنون منذ بعثته إلى اليوم، وإذا بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية تفرض نفسها على اليمانيين لتحشرهم في زاوية ضيقة تكاد أن تسلبهم ذلك التميز والاختصاص النبوي الشريف.. فدخلت عليهم الدعوات من كل باب، وتشابهت عليهم كما تشابه (البقر) على بني إسرائيل، فانخرطوا في مسلسل الصراعات البينية العقيمة منذ بدء الثورات اليمنية وصولا إلى ثورة فبراير2011م ومازالت حلقات ذلك المسلسل تتوالى تباعا وتقودهم من سيء إلى أسوأ حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.
كثرت النداءات.. وتوالت الدعوات الهادفة إلى تذكير اليمانيين بماضيهم المشرق وإنهم شعب الإيمان والحكمة فلا ينبغي لهم أن يساقوا إلى مربع العنف مهما كانت المسببات..لكن الارتهان للخارج جعل بعض المكونات السياسية تركب رأسها وتعمل بكل ما أوتيت من قوة لدفع الوطن إلى هاوية الاحتراب الداخلي.. وساعد ذلك سلوك أحزاب خائبة تصارعت على تقاسم الكعكة ونسيت الوطن فاهتبل الحوثيون الفرصة للانقضاض على الوطن والاستيلاء على السلطة في مؤامرة دنيئة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، مستغلين عقلية التقاسم التي تحكم تصرفات قيادات الأحزاب السياسية التي انشغلوا بها حتى سلب الوطن من تحت أقدامهم.
واليوم أصبح المشهد السياسي اليمني قاتما ومرعبا في ظل انسداد الأفق أمام أي حل سياسي يخرج الوطن من محنته ويعيد للحكمة اليمانية مكانتها الطبيعية التي يبدو أنها قد أصبحت بعيدة المنال.. خاصة في ظل تعنت الحوثيين وتشبثهم بالسلطة واستقوائهم بالجيش الذي أصبح مطية سهلة في أيديهم ببركة المؤامرة إياها.
لقد بتنا اليوم نضع أيدينا على قلوبنا ونعد نبضات القلوب قبل حدوث الكارثة لا سمح الله، خاصة بعد استيلاء الحوثيين على مقاليد السلطة في العاصمة صنعاء وتفكك الأقاليم من حولهم وإصرارهم على المواجهة مما يعني أننا قادمون على مشهد دراماتيكي مرعب لا يتحمل الوطن نتائجه.
فهل هجرتنا الحكمة اليمانية إلى الأبد؟!
منصور بلعيدي
اليمانيون..هل هجرتهم الحكمة؟! 1377