قدمت إلى مدينة الحديدة "حرسها الله" أريد ذمار، زرت فيها الأخ العزيز/ عادل العماد, استقبلنا في مسجد السلام عقب صلاة الجمعة، انطلق بنا الباص باتجاه منزله, أحضر الطعام, يؤثرني فإذا عارضته بشيء قال: متبسماً..! الله المستعان نحن إخوة قلت في نفسي والله ما هذه إلا أخلاق السلف ذكرت حينها قصة مصعب بن أحمد قال: أتيت واستأذنت أبو محمد المروزي في الصحبة فلم يأذن لي في تلك السنة، ولا الثانية وفي السنة الثالثة فـتيته وسلمت عليه وسألته فقال: إعزم على شرط: يكون أحدنا الأمير لا يخالفه الآخر. فقلت أنت الأمير فقال: لا بل أنت، فقلت: أنت أسن وأولى. فقال: فلا تعصني, فقلت: نعم فخرجت معه، وكان إذا حضر الطعام يؤثرني فإذا عارضته بشيء قال: ألم أشرط عليك أن لا تخالفني؟ فكان هذا دأبنا.. حتى ندمت على صحبته لما يلحق نفسه من الضرر.
ثم بدأ برفع السفرة يخدم إخوانه وضيفه فانقضى المقيل وكل كلامه" خير- كيف- لا".. وأنت لا تسمعه إلا" قال ابن القيم قال ابن تيمية" والابتسامة لا تفارقه.. تخلل المقيل راحة مع الله وقت العصر.. نظر إلى الساعة وقت الأصيل قائلاً ليش اليوم مر الوقت سريع .! هكذا هو أخ صادق تقي خدوم, نتمنى نسخا كثيرة منه, والله في زمان قل فيه من يرد السلام..! عندما رأيته يصنع لإخوانه العصيرات بقلب مرح ونفس طيبة.. استحضرت قصة عمر بن الخطاب: عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال ابن عمر: يا أبا خالد، إني أرى أمير المؤمنين يلزمك لما لا يلزمه أحدا من أصحابك، لا يخرج سفرا إلا وأنت معه، فأخبرني عنه، قال: لم يكن أولى القوم بالظل، وكان يرحل رواحلنا، ويرحل رحلة وحده ولقد فرغنا ذات ليلة وقد رحل رحالنا، وهو يرحل رحله ويرتجز: لا يأخذ الليلُ عليك بالهم وألبسن له القَميص َواعتمْ وكُن شَريكا نافعِا وأسلم واخدم الأقوام حتّى تُخدم قلت: يرحم الله أمير المؤمنين فلم يكن يكتفي ببر أصدقائه فحسب بل ببر مواليه ويخدمهم في السفر وهم المكلفون بخدمته.
محمد العياشي
نحن..وأخلاق السلف 1565