;
يحيى حمران
يحيى حمران

هديك نور لا يدنس .. 1711

2015-01-24 12:23:23


من بين دهاليز الظلام وأروقة الخوف وشعاب الجهل بمكة انبثقت أضواء المختار فأضاءت وهج ينبثق حتى دفن الضوء عثاث الأجداد وأزال الظلم والظلام لينعم الناس بضياء لا ينطفئ بهدى خير الأنام..

في يوم من أيام عام الفيل كانت البشرية موعودة بقدوم محمد النبي الأمي ذي الأخلاق النبيلة والقلب السموح والداعي الأول للسلم والتعايش على أساس الشراكة لا التبعية والإذلال الممنهج، جمع بين الفرقاء من العرب وآخى بين المتناحرين من الأوس والخزرج، بُعث والعرب تابعين للدول العظمى آنذاك كفارس والحبشة والروم فجعلهم قادة وأمراء عليهم، يأمرون بعد أن كانوا يأتمرون ويعطون بعد أن كانوا يستجدون العطاء..

عاش طفولته يتيماً حزيناً بعيداً عن ألعاب الصبا مع أقرانه، امتهن رعي الأغنام، عاني من شظف العيش ومِحَن الزمن، فقد أمه في السادسة من عمره بعد أن كان لا يعرف عن أباه إلا اسمه، ليعيش تحت بند اللجوء الإنساني منذ صغره، لامس حياة البسطاء والكادحين في رمضاء مكة واكتوى بحرارة رمالها اللاذعة والشمس في كبد السماء.

شهد فلوبيا ونرجسية برجوازيي قريش، والانتهاكات المأساوية من قبل السادة في حق العبيد، بل رأى بعينيه ما يدمي القلب ويجعل العيون تذرف الدموع دماً من وأد البنات في قبور مظلمة وهن يصرخن تارة ويتوددن للقاتل تارة أخرى يستجدين الرحمة ولا نصير..

عاداه قومه وحاصروه مع نفر من أهله في شعب خارج مكة لسنوات متتالية، بثوا الإشاعات الكاذبة اتهموه ووصفوه بأقبح الأوصاف وأبشعها، سخروا منه، وضعوا على رأسه وجسده أنتن وأوسخ القاذورات، نفوه من أحب بقاع الأرض إليه، حاربوه تحالفوا ضده، تآمروا عليه بإرسال من يغتاله، لكنه كان يتألم بصمت ويرجو لهم الخير والرخاء..

لم يحرض ضدهم ولم يحل دماءهم، كما لم يستبح أملاكهم وتجارتهم إلا في حرب، لم يغدر بعهد ولم يخلف وعداً، لم يستبح الأعراض ولم يهتك الستر في البيوت المحصنة رغم قوته، لم يستحوذ على حكم فردي للمدينة بل ترك لكل قوم الحق في تسيير أموره رغم سيطرته عليها، لم يقاتل يهود أو يفرض عليهم جزية إلا بعد أن غدروا به.

لم يتشدق بوعود زالت بعد أن تمكن، ولم ينكل بعدو خالفه بل عفا واصفح، وقال لعتاولة مكة بعد أن ظفر بهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، شهد له أعداؤه فقال المستشرق ميشون: "إن الإسلام الذي أمر بالجهاد قد تسامح مع أتباع الأديان الأخرى بفضل تعاليم محمد"، فما بالكم بالمخالفين من أبناء الإسلام ..!!

لم يقطع شجراً ولم يقتل راهباً أو يهدم كنيسة و صومعة كما لم يقتحم بيتاً عنوة تحت قوة السلاح، ناهيك أن يخرج ساكنيه في العراء ويهدمه تنكيلاً وإذلالاً للخصم بعد توقف الحرب ومغادرته الدار..

صوروه لنا بأنه رجل حرب شرس لا يشق له غبار وحسب..! وهو كذلك، لكنهم تناسوا متعمدين أن يطلعونا على الجانب الإنساني له، اخبرونا بغزواته ولم يخبرونا أن الغزوة كانت يوماً واحداً وان عدد أيام حربه لا تتجاوز الثلاثين يوماً بينما باقي عمره قضاه في نشر المحبة والتعايش والسلام.

لم يفرق بين سيد وعبد أمام القانون فقد قال: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، وحاشاها أن تسرق فهي الزهراء سيدة نساء الدنيا والأخرى.

قال في عدالته الأديب البريطاني جورج ويلز: "محمد أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح".. قال: "إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، ولم يقل إن أكرمكم أقاربي وأهلي في الحين ذاته الذي تبرأ من عمه أبي لهب السيد القرشي، ووالى العبيد كبلال وصهيب وسلمان..

سنصلي عليك ونحتفل بمولدك الكريم احتفالاً يليق بك وبكريم أخلاقك سنحتفل لقيمك، للحب والسلام والتعايش والوئام، لا كما يريدون لنا هم أن نفعل من اجل تمجيد أشخاص وإضفاء شرعية سماوية وحق إلهي مزعوم ، فنحن نعلم أنك بريء ومنزه من كل ما يُمَارسُ من انتهاك ضد البشرية باسمك وتحت شعار ولواء يشبه شعارك ولواءك العظيم، فالفرق بين أخلاقك وأخلاقهم شاسع، وجلي لأولي الألباب، فهديك نور لا يدنس، وهديهم ظلام..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد