الإنسان في أوطاننا بلا قيمة أو أهمية ،ليموت عشرة ،مائة ،ألف ؛ فإين المشكلة ؟! إننا إزاء ثقافة موت قائلة بان حياتنا لا تضاهي جناح بعوضة ،وأن دنيانا فانية لا تستحق منّا أي اهتمام أو جهد يعلي قيمة الحياة البشرية وسلامتها وحفظها والارتقاء بها إلى مصاف الابتكار والرفاهية وإعمار الأوطان والعيش فيها بسلام ومحبة وأمان وكرامة .
إننا هنا أشبه بخرفان إلى وقت طلب الثعابين أو قولوا فئران مخابر تجارب ، بل أجزم أن الجرذان انفع واجدى للبشرية من أناس ليس لديهم ما يقدمونه للعالم غير حزام ناسف وسيارة مفخخة وفتيان يائسون بائسون جهلة تم تلغيمهم بأفكار ضالة مغالية منحرفة فهما وسلوكا وذهنا وبصيرة .
تأملوا جيدا في حالتنا الراهنة لتدركوا عظمة الكارثة والمأساة التي نعيشها كأُمة كثيرة العدد ضئيلة التأثير !فرفات الجندي الإسرائيلي تساوي منا ألفا ويزيد. لذا لا مندوحة لدينا إذا ما قُتل منا سبعة آلاف نسمة في عام واحد ،وإذا ما حصد الإرهاب قرابة مائة منية وفي برهة لا تتعدى أيام الأسبوع الواحد .
ومع هذا الإسراف في القتل لم تؤثر فينا مشاهد أكوام الأبدان المتناثرة ، ولا الدم القاني النازف بغزارة وعبثية لا نظير لها حتى في الفاشية والنازية. أطفال في ريق عمرهم يُذبحون بربرية ووحشية فاطرة للضمير الإنساني .
أناس أبرياء عُزل يموتون عبثاً وبغياً.. وطن بات أشبه بمقبرة فسيحة مفتوحة لقرابين قتلى الإرهاب ، ومع مقدار المأساة والفجيعة المستبدة بنا لا نرى دولة تُعلن حدادها على ضحاياها أو تنكس علمها توقيراً وحزناً بالفجيعة وما أكثرها .
الرئيس الفرنسي " فرانسوا هولاند " كان قد هرع إلى مقر صحيفة " شارلي إيبدو " داعياً الحكومة لاجتماع طارئ ومعلناً الحداد في عموم فرنسا.
نحن وبعيد كل هذه الفظائع المأساوية المروعة, مازال ينقصنا شيئاً مهماً وأساسياً, ألا وهو إجلال الحياة كقيمة سامية عظيمة ، فعندما لا تُجل حياة الإنسان فهذا معناه أننا أناس بلا رحمة أو شفقة أو ضمير أو أفئدة يمكنها الحزن والوجع .
الجريدة الفرنسية قيل بإساءتها للإسلام وللرسول الكريم ؛ إذ اعتبرت أن الإرهاب هو بضاعة خالصة بالإسلام والمسلمين ،وبدلا من مواجهة إساءة الصحيفة بفعل راقٍ ومسالم وبفكرة داحضة مبطلة لأباطيلها كانت ردة الفعل لا تشي بغير الإساءة الأكبر للإسلام والمسلمين ، فضلا أن مثل هكذا فعلة شنيعة ومروعة من شأنها إثبات وتأكيد أن ما نشرته الصحيفة كان صحيحاً وصواباً .
نعم صرت خجولاً من نفسي ومن بني قومي الذين لم يعثروا على شيء يجارون به ركب التطور الحضاري فكان منطقهم عقيماً بائساً جامحاً للعنف والانتحار والهلكة. إننا إزاء فتيان يساقون إلى لظى انحدارهم الأخلاقي والإنساني والفكري ،وإزاء جماعات إرهابية لا يعوزها للقتل غير بارود ورصاصة أو حزام ديناميت وغير أمير جماعة يعاني من علل نفسية وعائلية ومجتمعية .
محمد علي محسن
خرفان إرهاب..!! 1479