ثم جاء الآخرون يهرولون، وأرادوا إنصافنا، فاستهدفوا بيت هايل، هذا البيت التجاري العريق الذي هو ما تبقى لنا من ضوء، إضافة لطموحات شبابنا الذين لا يزالون يحملون بين أضلعهم همّ الوطن وإقامة الدولة الفيدرالية العادلة مهيئين أنفسهم للتضحية بها في سبيل تحقيق هذا الحلم؛ وبيت هايل ليسوا ملائكة، كما أني لست بصدد الدفاع عنهم هنا، إلا أن استهدافهم يعني في المقام الأول استهداف لمحافظة تعز في عمودها الفقري، فهناك آلاف الأيدي العاملة من أبناء المحافظة يعملون معهم وهم يعولون آلاف الأسر، بالإضافة لكونه رأس مال تعزي يمني، فمهما كانت الشعارات والخطابات التي تخرج أحياناً علناً وأحايين همساً لاستهداف هذه الاسرة لجس النبض، فإن هذه الاسرة هي تعز، وتعز بيت هايل.. ونحن لا نطهر أحداً وهم بشر لا يخلو أحدهم من الخطأ والنقص، فإننا فقط نريد القضاء، والقضاء فقط هو الذي ينصف مظلومينا إن وجدوا من بيت هايل، وليس التهديد والفوضى والأساليب الخارجة عن القانون.. وإذا قلتم ان القضاء فاسد، فالأولى أن نعمل جميعاً على إصلاح القضاء أولاً، لأنه هو المعني بإنصاف كل مظلوم..
إن استهداف بيت هايل في هذا الظرف وبهذه الأساليب على قاعدة العرف القبلي الذي جرى بين قبيلتين في شمال الوطن في الثمانينيات، عندما نشبت بينهما فتنة تطورت إلى إطلاق نار راح ضحيتها أحد المدرسين من إخواننا المصريين، وعندما تدخلت الوساطات من طرف ثالث بين القبيلتين، أصرت القبيلة التي قتل المدرس المصري الذي يدرّس في مدرستها أن يكون المدرس المصري الذي يدرس في مدرسة القبيلة الاخرى بديلاً عن مدرسهم، وبالفعل قتلوه انتقاماً لمدرسهم المصري الذي قتل ظلماً، فكان ظلماً مركباً؛ والأشد من ذلك والأكثر كارثية إضافة لكونه ظلماً من أساسه أن المدرسَين المقتولين اتضح فيما بعد أنهما أخوين شقيقين من أبٍ واحد وأمٍ واحدة.. و بهذا سيكون إنصافكم لنا يا أحبابنا كإنصاف تلك القبيلة لمدرسها المقتول بقتل أخيه الشقيق الذي لم يرتكب جرماً، فضاعفوا الكارثة للأسرة فأصبحت كارثتين، رغم أن تلك القبيلة أرادت إنصاف المظلوم، ولكن بطريقتها الخاصة، وبدلاً من تطبيق قول الحق سبحانه: (النفس بالنفس) حوروها إلى ( المصري بالمصري)..!
إخوتنا الكرام إذا أردتم إنصافنا بصدق فتعالوا نعيش إخوة نتجنب كل أخطاء الماضي، ونوحد طاقاتنا جميعاً لنؤسس وطناً للجميع، نكون شركاء فيه في السلطة والثروة، لا يحاول أي طرف منا الاستقواء على الآخر بقوته وسلاحه، حتى لا يستمر النزيف والمعاناة والظلم في وطننا، وبالتالي لن يستقر الوطن لأحد مهما تخيل أنه أصبح قادراً على ذلك والتاريخ خير شاهد.
لا يفهم مما قلته أني أدعو إلى مناطقية أو طائفية أو تميز عن أي منطقة من مناطق وطننا الحبيب، فأنا والله أمقت التمييز والعنصرية والطائفية بكل صورها وأشكالها، ولكني أهوى العدل والإنصاف والإخاء الصادق والمواطنة المتساوية، وقوة القانون لا قانون القوة، وهذا لا تقوم به إلا دولة، وهو حلم كل يمني شريف، فدعونا نضع أيدينا في أيدي بعض لنرسي دعائم الحكم الرشيد والدولة العادلة، فدولة الظلم ساعة، ودولة العدل هي وحدها القادرة على البقاء والاستمرار وتجاوز كل العواصف والمحن..
اللهم وحّد كلمتنا على ما تحبه وترضاه
محمد مقبل الحميري
بيت هايل سعيد وقانون: (نقتل مصريهم بدل مصرينا) 1517