اليوم يمكن أن نقول إن اليمن قريب جداً من شفا الهاوية، ومشاكلنا وأزماتنا تكبر و تتسع ولحظات الانفراج تضيق وتكاد أن تغلق.. هذه حقيقة علينا أن نتعامل معها بمصداقية وجدية، والسبب أن الهم الوطني كبير ويحتاج إلى عقلاء في مثل هذه الظروف، يغيبون همومهم الشخصية والحزبية والطائفية لفترة زمنية، هي مرحلة انتقالية لإنقاذ وطن، لن يخسروا فيها شيئاً غير امتيازات ومكاسب غير شرعية ملكوها في ظروف غير سوية تجعل ماضينا حاضراً ومآسينا مستمرة، لكنها فترة تؤسس لدولةٍ، الكل اليوم يطمح لها، وحتى وان كان أعلنا الدولة التي اتفقنا على أسسها في مخرجات الحوار، والتي اليوم تترجم لدستور وقوانين تنظم حياتنا وتبرمج انتخاباتنا بأسس عادلة شفافة نزيهة نتنافس في ساحة سياسية طاهرة من خبائث الماضي تنتج لنا قوىً سياسية تحكم باسم الشعب ولا صوت يعلو على صوت الشعب .
واهمٌ من يرى انه الوحيد الوطني والوحيد النزيه والقادر على إخراج الوطن لبر الأمان، وأكثر وهماً من يعتقد أن العنف حلٌ لأزماتنا واقتلاع المختلف عنه فكراً ومذهباً وعرقاً من جذوره في أرض الوطن ليجعله تحت طاعته وحكمه خنوع مذل مهان بمبررات التكفير والتجريم والخيانة والعمالة دون وجه حق له أو لغيره.
لا شك أن كل حزب عند تأسيسه يضع صوب أعينه مجموعة أفكار ومبادئ لتكون المجال الذي يتحرك فيه أعضاؤه، ويكون له أهداف يسعى إلى تحقيقها بالكامل أو جزء منها، فهو ينطلق من الهم الوطني العام ومصلحة الجماهير، ويسعى إلى تحقيق الرفاهية والسعادة لأبناء المجتمع، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، بالإضافة أن الهدف الأساسي لكثير من الأحزاب هو الوصول إلى سدة الحكم في الدولة وممارسة الديمقراطية في مؤسسات الدولة، والحفاظ على ممتلكات الشعب، لذلك نرى بأن قيادة حزب ما في الدول الديمقراطية تكون في خدمة أعضاء الحزب، وأعضاء الحزب يكونون في خدمة الشعب والدولة.. أي أن الهدف الأساسي وراء نشوء الحزب هو المصلحة العامة، ورئيس الحزب يكون لفترة زمنية محددة على قمة هرم الحزب ومن ثم يفسح المجال لغيره للقيام بدوره في خدمة المجتمع، فالأحزاب تؤسس لهدفٍ وطني يخدم الوطن ومصالحه؛ وعندما يخرج الحزب عن هذا الهدف يصبح نبتة ضارة تضر الوطن وأمنه وتسمم ساحته السياسية ويخلق الأزمات والعراقيل.. هنا يفرض الواجب الوطني على القوى السياسية التعامل معه كنبتة ضارة عليهم تطهيرها لإنقاذ وطن من الانهيار.
نحن في اليمن أمامنا وطن ينهار وهناك من يساهم بالمزيد في انهياره حتى لا يفقد مصالحه الضيقة ويستخدم سياسة هدم المعبد على رؤوس الجميع، لنغدو نحن والوطن تحت رحمة معاول هدم تنهال على رؤوس عامة الناس من قبل خبثاء لا همّ لهم سوى تدويخ المواطن وإحباطه إلى درجة المرارة، وبعثرة قواه وشلّ حركته العقلية وإيصاله إلى حالة التشاؤم واليأس من التغيير، ويقول سلام الله عليكم يا طغاة، وها هو يحدث ونسمع بآذاننا انه الماضي بما يحمله من آلام ومآسي يرفضها كل وطني شريف طموح لمستقبل وضاء.
علينا أن نبني دولتنا ونوقف تناحرنا وسفك دماء إخوتنا وإزهاق الأرواح البريئة، هذا واجب وطني في رقاب الجميع دون استثناء، هل نتحالف ونتكاتف معاً لنتجاوز المحن أو نستمر في غينا وعنجهيتهم ونبيد بعضاً وهم في قصورهم يحصدون الفوائد ويمتصون الرحيق ونحن جوعى ومحتاجين معدمين نتضور جوعاً وألماً ومشقة، سيتركوننا ننهي بعضاً ليأمنوا عقابنا لهم، وخوفي أن يأتي يوم نكون في قفص الاتهام وهم على منصة الحكم.
لا حل غير الاصطفاف الوطني حول مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة وبناء الدولة المنشودة، التي يطمح لها الجميع، هل يمكن ان نجعل في الوقت الرهن ذلك الاصطفاف حزبنا وقبيلتنا ومذهبنا وطائفتنا حتى نتجاوز مرحلتنا الانتقالية ونؤسس لمؤسسات تشريعية وتنفيذية وطنية، مؤسسات الدولة القادمة والانتخابات التي ستفرز السلطة القادمة وفق الإرادة الشعبية.. هنا عودوا لأحزابكم للتنافس بحب ونزاهة وصدق وأمانه لنعيش ونتعايش في وطن يستوعبنا جميعاً لتحقق آمالنا وطموحاتنا ونتحرر من الإعاقة.
أحمد ناصر حميدان
ليتفوق الهم الوطني 1576