سوريا الحضارة، سوريا الجمال، سوريا الرقي، سوريا الإنسان المدني المتحضر، فرغم ما نعانيه في وطننا من آلام وجراحات غائرة وأحزان، إلا أن كارثة سوريا أكبر من كل الكوارث، اشترك في صناعتها الشرق والغرب، والبعيد والقريب، تمثلت الحقارة بأبشع صورها في كل المشاركين في جريمة العصر، شرد الملايين من أهل سوريا وقتل مئات الآلاف وأما المعوقين والجرحى فهم بالملايين أيضاً.
كارثة سوريا فضحت كل الادعاءات الزائفة التي تتشدق بحقوق الإنسان واحترام الآدمية، وغيرها من الشعارات التي ترددها على مسامعنا الدول العظمى، التي داست على كل المبادئ والقيم وظهرت بأحقر السلوكيات والممارسات التي تجاوزت حتى الأخلاق البهيمية، كون أي فصيل من الحيوانات لا يعتدي أبداً على الفصيل الذي من نفس جنسه، فهل رأيتم كلبا يقتل كلبا، أو أي حيوان آخر يعتدي على أخيه، بينما في سوريا قتل جماعي يوميا من قبل الإنسان لأخيه الإنسان، بدعم وإسناد ومباركة كل دول العالم وفي مقدمتها الدول العظمى التي تدعي مكافحة الإرهاب في العالم، وتقصف الأبرياء بالطائرات بدون طيار في بلادنا العربية لأتفه الأسباب، هدفها من وراء ذلك الحفاظ على مصالحها وإظهار هيمنتها وليس مكافحة الإرهاب كما تدعي، أما في سوريا سواء الدول التي تدعم الثوار أو الدول التي تقف مع النظام جميعهم تآمروا على سوريا أرضا وإنسانا بدعمهم لكل الأطراف المتصارعة, فاهلكوا الحرث والنسل ولم يفرقوا بين مقاتل وأعزل، كبيرا أو صغيرا، ذكرا أو أنثى، وهدمت المدن على رؤوس ساكنيها، فأصبح السوريون- سواءً الذين مع النظام أو الذين مع الثورة- جميعهم ضحايا هذا التآمر وجميعهم كانوا أداة التدمير بيد الأعداء، لا فرق بين من مع النظام ومن ضد النظام بعد أن استقطبت كثيراً من العناصر التي كانت محسوبة على الثورة فأصبحت أداة بيد الغير، فشوهت الثورة وظهر فيها من يقتل الأبرياء بدون ذنب وأصبح القتل من قبل كل الأطراف المتصارعة هواية من أجل القتل..
إن ما حصل ويحصل لسوريا الحبيبة لعنة كبرى ستلاحق كل من شارك فيها سواء كان في الداخل أو الخارج، في الشرق أو الغرب.
مأساة سوريا فوق الوصف وأكبر من كل التعابير.
وفي الأخير أعود لأغنية الفنان الشاب حازم شريف، فأخاطب كل الضمائر اليمنية وأقول " خلونا نحب اليمن من القلب"، وأرجو من كل من له مثقال ذرة من ضمير من أبناء وطننا الحبيب أن نعتبر جميعا بما حل بأرض الشام، وكفى الضمائر غفوة فلنصحي ضمائرنا، فوطننا على الحافة ولن يكون هناك منتصر، وحرام يهان الشعب اليمني، ونقول للأخ الرئيس وللحكومة ولقادة الأحزاب والنخب وللسيد عبدالملك الحوثي.
ولكل النخب الفاعلة نقول للجميع نناشدكم الله.. نناشدكم القربى نناشدكم الرحم نناشدكم ضمائركم أن تجعلوا المحبة للجميع سلوككم وشعاركم، وتتنازلوا عن أنانيتكم بل تتنازلوا عمَّا ترونه حقاً لكم تنازل الشرفاء من أجل الوطن لتحفظوه من الانزلاق إلى الهاوية قبل أن تحل اللعنة علينا جميعا، ولا يثق أحدٌ منكم بالوعود الخارجية فإنهم لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة، ولن يستطيع أي طرف بمفرده مهما كانت قوته التفرد بالوطن الذي يتسع للجميع، وكفى بسوريا عبرة، والعاقل من أتعض بغيرة.
اللهم احفظ وطننا ووحد كلمتنا جميعا على الخير والصلاح
محمد مقبل الحميري
سوريا واليمن وفنان عرب ايدول 1370