مما يثير التحفظ والشعور بالاستياء في الأوساط العاملة في مجال الطفولة وحمايتها من المخاطر الطبيعية أو المفتعلة قضية تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة والزج بهم في ساحات الخدمة العسكرية بأكثر من طريقة كالخدمة في المعسكرات أو للتجسس أو المواجهة المباشرة ووغيرها من الطرق المحرمة قانونيا وإنسانيا أيضا. ولا تختلف المخرجات لمثل هذه القضية عن مخرجات الحرب والنزاع المسلح المؤقت أو الدائم.. فالقتل والتشوية والاختطاف والاعتداء الجنسي والإصابات الجسيمة.. كلها نتائج يعانيها أولئك الأطفال المستَغَلّون " بفتح التاء والغين وتشديد اللام" علاوة على أمراض نفسية كثيرة تصيب الناجين منهم أثناء النزاع أو بعده ضمن استراتيجية الانسحاب العسكري الذي لا يخلو من مسائل التلغيم والتفخيخ بالمتفجرات المختلفة.
كل هذا يتعرض له أطفال أبرياء التحقوا بركب السلاح- طائعون أو مجبرون- طائعون لذويهم الذين ربما دفعوهم إلى هذا العمل على خلفية اقتصادية معيشية سيئة, أو طائعون لمالكي القرار من المشائخ مثلا في قراهم والذين يجتهدون في إقحامهم بالقوة في هذا المجال حين تشتد حول أعناقهم حبال المواجهة.
ومجبرون أيضاً بسبب محدودية الخيار وشحة فرص الاختيار، فالفقر وفوضى التعليم والعادات المجتمعية البالية وكثرة الصراعات التي يمر بها الوطن خلال فترات زمنية متقاربة.. كل هذه الأسباب وسواها الكثير جعل من الصغار لقمة سائغة في أفواه الانتهازيين من أتباع الشيطان وأعداء الأمة والدين..
فهم علاوة على انهم يقاتلون الناس بدافع المصلحة وحب الهيمنة والثأر لإخفاقات أجدادهم السابقة هم أيضاً ينشرون بين أوساط هؤلاء الأطفال المجندين بعض الدعاوى والعادات والمفاهيم الخاطئة، فالعنف والميل إلى الجريمة والابتعاد عن القيم الإنسانية النبيلة دروس يتعلمها أطفال مجندون من وحوش النزاعات المسلحة القبلية وغير القبلية وهم بهذا يلغمون واقع الطفولة في الوطن بانفجارات لا أخلاقية قد تظهر آثارها على المستقبل القريب أو البعيد اذا لم تتخذ الجهات ذات العلاقة كافة الإجراءات اللازمة لإيقاف جريمة تجنيد الأطفال خاصة في مثل هذه الفترة التي يستغل فيها أعداء الوطن كل ثغرة للتخريب والفساد في الأرض.
ألطاف الأهدل
تجنيد الأطفال جريمة إنسانية 1203