أتفاجأ دائماً بردة فعل الكثير من الناس وطريقة تعاطيه مع جمل أو كلمات قد لا يحتاج بعضها إلا إلى الصمت كرد نموذجي وعقلاني وحكيم.. وتأخذني الدهشة حين ينحو هذا النقاش منحاً ساذجاً ومتطرفاً وغبياً, بينما لا يستحق الأمر كل هذا مطلقاً.. فالكلمة التي أشعلت فتيل الغضب تحولت إلى جدال واسع يحمل إسقاطات مطاطه من شرق الأرض وغربها دون ان يكون لكثير منها أي علاقة بالأمر، لا من قريب ولا من بعيد.. ولهذا أسال نفسي دائماً: لماذا يغضب الناس بسرعة في مجتمعنا؟ ولماذا تمتد ألسنتهم وأيديهم قبل أن يمتد ظلال رؤاهم ومقترحاتهم وقدرتهم على تجاوز المواقف السيئة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟..
وأخيراً توصلت إلى أسباب وجيهة ومنطقية ومقنعة لموجة الغضب السريعة التي تعمي بصر وبصيرة صاحبها قبل ان يفهم عن نية أو موقف الطرف الآخر أي شيء.
إنه الأكل الساخن جدا والبسباس الحامي جداً جداً!.. نعم وسآتيكم بمثال من كتاب الطب النبوي يوضح لكم كيف كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأكل طعامه متوازناً إلى اقصى درجة: فقد كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يأكل البلح أو الرطب مع البطيخ ويقول: "يُصلحُ حرّ هذا بَرْد هذا".. فإذا كان البلح أو الرطب "حار" عند رسول الله وهو يُصلح حرارته تلك ببرودة البطيخ حرصاً على سلامة الجسم والبقاء على حرارته في اعتدال دائم.
طيب بعد هذه الصورة النبوية المشرقة من أدب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الطعام، تخيلوا كيف يمكن ان تكون حالة جسد لا يدخله إلا طعام ساخن وحار ولاذع ومالح والله اعلم هل هو من حلال أو حرام أيضا؟!..
هذه الأعصاب التالفة لا يمكن أن تأتي إلا من خلفية صحية أكثر تلفاً, فاحرص أخي القارئ الكريم- رجلاً كنت أو امرأة- على طعام يُظهر أجمل ما فيك, فذوق الإنسان يبدأ من طبق طعامه ومن ثم نوع كلامه.
ألطاف الأهدل
مِشْ مِنَّكُم من البِسْباس الحَامي 1419