كثيراً ما نسمع هذه الجملة ومثلها كثيراً على ألسنة الناس- صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً- لكن هل ندرك جوهرها فعلاً، وهل نحن على درجة من اليقين حتى نتقن فن التوكل على الله كما تتقنه دواب الأرض التي تأخذ السعي سبباً لحصول الرزق؟!..
في الحقيقة نحن نسعى دون توكل أو نتواكل دون سعي، هذه حقيقة مُرة يجب على الجميع استمراء مضامينها أياً كانت، ففي مجتمعنا اليمني ينقسم الناس إلى قسمين: متواكل لا يسعى للحصول على الرزق ويرى أن للرزق أطرافاً تسعى بها للوصول إليه بينما يحتسي قهوته بهدوء، وقسم آخر يسعى سعي الوحوش في البرية دون أن تكون خلفية عن الرزق حاضرة على أساس حسن التوكل على الله. في الحقيقة نحن نعيش في مجتمع كثرت آفاته وأمراضه الأخلاقية والسلوكية، فالحسد وسوء استخدام السلطة مهما كان حجمها وتراجع علاقات القربى والجوار وانتشار اللعان وعدم توقير الكبير والرفق بالصغير واللا مبالاة وعدم الحفاظ على النظافة الشخصية والعامة كسلوك حضاري وديني وإنساني.. كل هذه الأمراض مجتمعة وسواها الكثير مما يخفى أو يظهر أدت إلى وجود مجتمع مضطرب، قلق، متشاحن، يحاول الكبير فيه أن يلتهم الصغير، مجتمع تتسع فيه رقعة الفقر والفاقة أكثر فأكثر يوماً بعد يوم لأسباب نعرفها وأخرى لا يعلمها إلا الله، وتلك الأسباب التي ذكرتها آنفاً هي من الأسباب المؤدية للفقر، فالغنى لا يحصل إلا بتكاتف المجتمع وتعاضده وابتعاده عن الأمراض الاقتصادية كالربا والرشوة وأكل مال اليتيم وغيرها مما يكون المال فيها هو عصب المسألة وجوهرها.
فكيف يمكن أن يتطور وينمو مثل هذا المجتمع الذي يتكلل فيه الأبناء على آبائهم والإخوة على أخواتهم والإناث والأزواج على نسائهم الموظفات والشعب على حكومته والحكومة على صدقات الدول المانحة وعطايا دول الجوار مسبوقة الدفع..!.
إنها سلسلة من الاتكالية المفرطة ذات المخرجات الرديئة، وحين نصل إلى قناعة كاملة بما نقول من جُمل وألفاظ روحانية مألوفة سمعاً لكنها غائبة اعتقاداً عندها يمكن أن يتغير الحال إلى الأفضل، وسيكون من الممكن عندها أن تتحول تلك الأمنيات الوردية داخل فقاعات الأمل إلى واقع نشهده ونتفاعل معه بوقار..
القصة في النية التي تستوطن القلب وليس في كلمات عارية من الصدق.
ألطاف الأهدل
عليك يا باري عليك!! 1348