حاولت أن أتكئ كسواي من الكُتّاب على رصانة المفردة وانسحب من أرض الفكر والأدب إلى ساحة السياسة الوطنية التي يجيدها كل اليمنيين وكأنها عادة يومية كتناول الطعام والشراب أو الاستحمام وتنظيف الأسنان، لكنني كنت ولا زلت أفشل في ارتداء هذا الثوب الذي لا يخفي تضاريس أحرفي ولا يغطي سوأة الخوف من أرتال التبعية والانسياق من مشاعري، تلك المشاعر التي أحاول أن أبقيها خالية من عطب الفضول السياسي وسليمة من الخوض فيه.
حاولت ذلك مراراً ولكنني لم استطع أن ابقى كمتفرجة كما إنني لم استطع أن أكون امرأة أخرى ضمن طابور النساء اللاتي يقحمن انفسهن في شؤون سياسية لا تلائم عقلياتهن أو قدراتهن الفكرية أو الجسدية, علاوة على أنهن لا يشعرن بخطورة استخدامهن كأبواق مؤقتة يتم عبرها حشد طاقات المجتمع حول منابع التحزب والتطرف دون ان يكون لهن خيار الصمت أو البوح بآرائهن كأفراد في هذا المجتمع.
حاولت أن اصمت واحتفظ بحق الرد لنفسي أمام محكمة ضمير إعلامي لا يتوقف عن الصراخ في كهف صدري حتى يصل صداه إلى زوايا مفرداتي من غير حول مني ولا قوة.. فماذا يمكن أن اكتب من مقالات وقصص وقصائد ومشاعري عائمة بين نهدين يجري احدهما على ضفاف قلبي وينحدر الآخر عن هضبة عقلي؟!.
لم استطع أن أتلون كبعض النساء اللاتي يجدن في قضايا الوطن المصيرية فرصة لاستثمار أفكارهن الرامية إلى تحقيق مصالحهن على حساب مصالح الوطن. لم استطع أن ألعب دور الخائن التائب الذي مارس الخيانة بكل ألوانها وأشكالها ضد الآخرين تم تحول فجأة إلى مرشد أو ميسر حقير يتبضع أهواء الناس ليعرضها في أسواق مصالحه..
أنا كاتبة من نوع آخر، لي مبدأ واحد لا يتغير، فلا شيء عندي يشبه الأم مثل الوطن. وطني هو أغلى ما املك حتى لو رحل الأحبة من هذا العالم إلى عالم آخر أكثر رحمة.
أنا نسيت أو ربما فقدت كل رغبة في الكتابة حين شعرت ان محبرة أفكاري قد تصبح فارغة؛ اللهم إلا من بعض القناعات التي يحاول البعض أن يضخّها في أعماقي لكن دون جدوى..
لم أستطع أن أكون أراجوزاً على مسرح الكتابة والأدب.
ألطاف الأهدل
لستُ أراجوزاً 1090