يستمر الخطاب الحوثي في توزيع الاتهامات لجميع الأطراف السياسية والإعلامية، بالارتزاق والعمالة، وتقويض الدولة وعرقلة الشراكة، والسعي لتسليم المعسكرات لمجموعات إرهابية مسلحة، وانتهاء بالداعشية والقاعدية ومناهضة المسيرة القرآنية، وقائمة طويلة لا تنتهي من الاتهامات!
قبل 21 سبتمبر الماضي، كان لدى الحوثي هامش كبير من المناورة على مستوى الخطاب والمحاججة، يستطيع من خلالها إقناع قطاعات واسعة من البسطاء والمثقفين، أما اليوم فقد انكشف الغطاء، ومع تزايد الفضائح التي تمارسها الميليشيا من صنعاء إلى البيضاء وإب وتعز والحديدة، لم يجد عبدالملك الحوثي وصفاً لمنتقديه ولوسائل الإعلام غير "مرتزقة"!
لا تكفي تغريدة يطلقها القيادي الحوثي أبو مالك الفيشي في "تويتر" متحدثاً عن "العدو الأمريكي" ويتلقفها القيادي المؤتمري ياسر العواضي، لا يكفي ذلك في التغطية على حقيقة ما يجري على الأرض.
فقد شهد الجميع كيف تتقدم ميليشيا الحوثي لمحاولة إخضاع محافظة البيضاء مسنودة بغطاء جوي أمريكي، وكيف قامت قبل ذلك باجتياح العاصمة صنعاء متحالفة مع المنظومة العسكرية التي ما تزال موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولم يكن ذلك ليتم بسلاسة كبيرة بدون ضوء أمريكي أخضر.
على مستوى الخطاب، أصبحت كلمات عبدالملك الحوثي وتصريحات ناطقيه ومسؤولي جماعته السياسيين والإعلاميين والعسكريين محل تندر كبير في الأسابيع القليلة الماضية، وفّرت مواد للتسلية الشحيحة هذه الأيام في البلد. وربما تنافس أو تتفوق على كوميديا عبده الجندي السوداء التي اشتهر بها أثناء ثورة 11 فبراير 2011.
سيتعين من الآن وصاعداً على الحوثيين أن يتريثوا قليلاً في توزيع التهم، من قبيل الارتهان للخارج، والسعي لتقويض الدولة، ونهب المعسكرات ، والموت لأمريكا!
وكل ما سبق في كفة، وموضوع المذهبية والطائفية التي يتبرأ منها الحوثي وناطقيه في كفة!
ربما تحتاج الأطراف الإقليمية والدولية إلى فترة من الزمن حتى تدرك أن "الدفع بالحوثي إلى الواجهة لضرب القاعدة" كان وصفة مدمرة، ستستفيد منها القاعدة أكثر من غيرها، وستوفر لها غطاء مذهبياً للصراع، كما أن غض الطرف منذ وقت مبكر عن التوسع العسكري لميليشيا الحوثي، واستهداف مكونات اجتماعية وأطراف سياسية منافسه لها، ومحاولة جرها قسراً لمربع الصراع المسلح، كل ذلك ينتصر (وانتصر بالفعل) لخيار الميليشيا والجماعات المسلحة، في وجه الدولة اليمنية الهشة.
أما في الداخل اليمني فيبدو أن كثيرين أصبحت لديهم قناعة راسخة أن ممارسات الحوثي الفاشية على الأرض لا يمكن أن تنتج غير خطاب فاشي، يحتكر تمثيل الحقيقة، وتمثيل الشعب، وأن جماعة الحوثي لن تجنح إلى ممارسة العمل السياسي السلمي، وتقتنع فعلاً بأهمية الشراكة الوطنية، إلا إذا تم كسر غرورها العسكري، وهذا ما بدأت ملامحه تتجلى في محافظات" البيضاء وتعز وإب والحديدة" التي تمثل المخزن البشري الأكبر في اليمن.
المصدر
حسن منصور
الحوثي منتجاً للكوميديا السوداء! 926