لكل شيء في الحياة وجهان، كما أن لكل فكرة أكثر من معنى ولكل صورة أكثر من تعبير ولكل إنسان أكثر من مبدأ حين يصبح أمام مُفترَق طُرق وبين عدة خيارات بعضها يعكس مشاعره وبعضها الآخر ينكرها تماماً.
نقابل العديد من الناس في حياتنا بشكل يومي بعضهم يرى فينا ذاته وبعضهم يرى فينا النقيض من ذاته، ومع هذا تبقى تلك الخيوط الرفيعة هي العلاقات الإنسانية في أرقى أو أردأ أشكالها، وفي أكمل أو أعقد درجاتها.
في الحقيقة أبقى تحت تأثير الصدمة طويلاً في بعض الأحيان عندما تربطني بشخصٍ ما " ذكر أو أنثى" علاقة عمل أو قُربى ثم يتبيَّن لي بعد فترة قصيرة أو طويلة أنني لم أحسن الإصغاء لصوت العقل حين منحت ذلك الشخص مكاناً في قلبي وبين أوراقي وربما في محفظة النقود خاصتي! هناك رؤية أخرى، وهدف آخر، ووجه آخر دائما لكن المشكلة أننا لا نملك أعيناً كتلك التي تملكها الحرباء أو إشعاعات كتلك التي تطلقها الأفعى.. نحن أعيُنُنا نرى بها محاسن الناس قبل سيئاتهم، نرى أجمل ما فيهم قبل أن نرى أقبح ما عندهم.. لنا أعين لقلوبنا قد تشبه تلك التي تقبع في أعلى رؤوسنا.. هناك دائما حقيقة خفية تجعل من كل ممكن مستحيلاً.. ومن كل معقول جنوناً.. ومن كل أمل جميل خدعة ملوَّنة.. ومن كل ابتسامة بريئة جولة إضافية خارج الحلبة.. نعتقد أننا بارعون في فهم هذا العالم.. بل وأكثر من براعة في فهم مشاعر الناس من حولنا.. لكن في حقيقة الأمر نحن نفشل يوماً بعد يوم في فهم أنفسنا وما الذي يمكن لقلوبنا أن تحتويه عندما يصبح كل شيء من حولنا ضخماً وعملاقا، بينما تبقى مشاعرنا متقدمة ومحصورة بين قوسين هزيلين.. هناك دائما وجه آخر لا نعرفه ولا نحسن قراءة تفاصيله.. وحتى لو حاولنا قراءته فإننا نملك قلوبا لا تستطيع أن ترى عيوب الآخرين لأن لها أعينا من زجاج.
ألطاف الأهدل
الوجه الآخر 1204