لم تكن بلادنا بمنأى عن مواجهة الإرهاب ..هذه النبتة الخبيثة التي اجتاحت العالم، وأودت بحياة الآلاف من الأبرياء وجلبت الويل على الإسلام والمسلمين ..فقد كانت اليمن تطالب المجتمع الدولي بمكافحته ، وهناك دول أخرى عانت من ظاهرة الإرهاب ونادت بضرورة إيجاد الحلول ، إلا ان الدول الكبرى لم تهتم بهذه الظاهرة، فقد استهدفت أحداث 11 سبتمبر2001 الولايات المتحدة والتي اعتبرتها بمثابة مهانة لها باعتبارها القوة العظمى. حيث أعلنت بعد ساعات قليلة من الهجمات اعتزامها شن حرب مسلحة على الإرهاب دون عدو واضح.
لقد شهدت الظاهرة الإرهابية في بلادنا خلال السنوات العشر الماضية تحولات لافتة ليس في جانب الخطط والتكتيكات والأسلحة المستخدمة في تنفيذ الهجمات العنيفة فقط، وإنما كذلك في مجال الأهداف والتحالفات والقطاعات المستهدفة فقد نشأت في اليمن جماعات العنف والتي ارتبطت الى حد كبير بالمرحلة السياسية والاجتماعية ، وتوالت العمليات الارهابية ما بين الاختطافات للسياح وقتلهم والاغتيالات ، وتفجير منشآت وضرب الاقتصاد اليمني .
فالجماعات الإرهابية أصبحت ترى أن الدولة اليمنية بعد ثورة 11 فبراير قد ارتمت في حضن العمالة وأضحت ضمن دائرة الأعداء خاصةً وأن هناك توجُّه لضرب هذه الجماعات بشكل جدِّي وليس كما في السابق بين الشد والجذب ، ولذا من المتوقع أن تشتد المواجهات على مختلف الجبهات وأن تشهد خلال الأعوام المقبلة المزيد من العمليات والتفجيرات ممَّا يعزز ذلك هو حالة الاندماج بين جماعتي اليمن والسعودية في تنظيم وإمارة واحدة خاصة بعد أن فقد التنظيم في السعودية قوته وأمنه واتخذ اليمن مقراً لقيادته وتحركاته, فاليمن هي الملجأ الوحيد الآمن للتنظيم ليس في السعودية واليمن بل في الجزيرة العربية كلها, أما حكومة الوفاق وما بعدها لم تعد قادرة على إعادة العلاقة الى ما كانت عليه فقد كشفت عن نواياها تجاه الجماعة كما أنها غير قادرة على التفريط بالسعودية وأمريكا ومصالحها معهما مقابل إعادة العلاقة مع الجهاديين ، كما أن الجهاديين ذاتهم لم يعودوا يثقون بحكومات اليمن ولهذا لم يعد أمامها من خيار سوى استمرار المواجهة واستثمار هذه المواجهة باستغلال المستفيدين الآخرين السعودية وأمريكا. كذلك إذا فشل الحوار وتوسَّع احتجاج الجنوب سيكون له أثر إيجابي لبسط نفوذ الجماعات الارهابية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية .
فالغرب سيزيد قلقاً من تزايد نفوذ الإرهابيين وقيامهم بالتخطيط لعمليات تنفذ خارج اليمن ، وهذا ما يزيد المشهد المعقَّد تعقيداً ، كل ذلك سيؤثر سلباً على كل مجالات الحياة ، الأمر الذي يستدعي اليوم في ظل ترتيب الدولة اليمنية الجديدة ضرورة الاسراع الاعداد لتشكيل لجنة خبراء لإدارة هذه الازمة واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمكافحة الإرهاب بشكل جذري.
محمد الحضرمي
اليمن في مواجهة الإرهاب 1046