يخشى الكثيرون التكلم في شؤون الجيش اليمني، فأضاف هذا الأمر هالة قدسية تحرس الفساد المستشري داخل هذه المؤسسة، التي يسمونها -عبثاً- بالمؤسسة الوطنية، في حين أنهم كانوا ولا يزالون رأس الحربة في تمريغ الكرامة الوطنية بالتراب لإذلالها، وكان لا بد من الحديث عن الجيش الذي أسقط شرفه العسكري. فلا هو الذي قام بوظيفته في حماية الوطن، ولا هو الذي حافظ على ما تبقى من الكرامة والشرف العسكري.
في فترة سابقة قلت لا نريد من الجيش شيئاً، نريد من الجيش أن يحمي نفسه فقط، فكانت المفاجأة التي دوخت العالم بأن الجيش نفسه يتآمر على نفسه.. هذا الجيش لم يستطع القيام بوظيفته، ولم يستطع حماية نفسه.. إذن..! ما الذي يفعله هذا الجيش؟ وما هو الداعي لأن يستلم هذا الجيش نفس الميزانية؟.. نصف الميزانية العامة للدولة أو ما يقاربها يستلمها الجيش في حين أنه مؤسسة خاوية، مؤسسة فاسدة، عتاولة الفساد فيه ينهبون المليارات، مسخت أموال الفساد كرامتهم فأسقطوا هيبة الجيش، و نسوا ما يعنيه الشرف العسكري.
مهزلة لا بعدها مهزلة، تراها وأنت ترى جيشاً عظيم في لواء عسكري تتحكم بهم مجموعة صغيرة تتبع لمليشيات مسلحة بأسلحة خفيفة.. يخرج الجندي من موقعه العسكري الذي يعول عليه حماية الوطن منه، فإذا هو يتم إهانته على بوابة معسكره، أي معنوية لدى هذا الجندي الذي لن يتبقى له نفسية أصلا لتنهزم.. ولا يزالون يرفضون إدخال نظام البصمة إلى دهاليز و أروقة الجيش، ولكني الآن عرفت لماذا كل هذا..!، حتى لا نعرف أنه ليس لدينا جيش أصلا، وكل ما في الأمر، أن هناك مئات الآلاف من الجنود موجودون فقط على كشوفات الرواتب، مفقودون على أرض الواقع، وهذه النقطة هي ما جعلت عتاولة الفساد في الجيش يبيعون كل شيء حتى وإن كان هذا الشئ الوطن، دفاعاً عن المليارات التي تسكب إلى جيوبهم.
فلذلك وبمقاييس العقل والوطنية كذلك - مع أنني لم أعد اؤمن بالوطنية أصلا، إذا كانت هذه الوطنية هي نفسها الوطنية التي يؤمن بها العسكريون - أقول: لماذا نحتفظ بهذا الجيش أصلا ؟ وما الداعي لبقائه؟، فنحن عندما أردنا تحرير أبين تم تشكيل لجان شعبية، وعندما تم احتلال رداع تم بعدها تشكيل لجان شعبية، وعندما اشتدت حول صنعاء دعا هادي لتشكيل لجان شعبية.. وفي نهاية المسلسل يتم نهب السلاح العسكري من قبل اللجان الشعبية..
سيقول البعض أنني أفرطت، ولكني أقول لهم: إن هذا الجيش الذي تقولون أنني أفرطت في حقه، لم يقم بالتنازل عن بعض فساده لنسلم من الجرعات الاقتصادية القاتلة، هذا الجيش يقوده لوبي الفساد داخل اليمن، هذا الجيش عندما تعرض لمحنة لم يستطيع حماية معاناتنا طوال السنوات الماضية لكي نشتري له سلاحا على حساب التنمية والرقي والنهضة والتعليم والصحة، سلم سلاحه بكل دم بارد وبتوجيه من وزير دفاعه ، حتى وإن قلنا إن فيه شرفاء، وأي شرف سيبقى لجندي تم سلبه سلاحه بدون حرب!، هؤلاء الشرفاء الذين تقولون عنهم شرفاء. ماذا ينتظرون؟ فليس بعد السلاح إلا خلع السراويل..
نحتاج إلى قوة أمنية لحفظ الأمن، ويكفينا ظناً بالوهم أن لدينا جيش، وهذا الجيش لم يتعدى كونه جيشاً للاستعراضات العسكرية ''كما قال علي صالح''، ونأخذ هذه المليارات التي ينهبها عتاولة الفساد في الجيش و نعيدها إلى التنمية، لكي يرتاح المواطن، والمواطن إذا شعر أن هناك فعلا دولة تنفعه فسينضم إلى لجانكم الشعبية التي ستشكلونها للدفاع عن الوطن فيما لو كان هناك تهديد ، أما أن تظل هذه الميزانيات تصرف للجيش ولا يعرف أحد أين تصرف هذه الأموال بدعوى أنها من الأمور السيادية فلنترقب المزيد من التردي لحال الوطن ولكن لماذا فقط صرف الأموال داخل الجيش من الأمور السيادية، ونهب سلاح الجيش ماذا يعتبر؟...
وطبعا لا ننتظر أن جنرالا من الجيش يستطيع أن يغير من ذلك، فهادي يتقاسم معهم كذلك الكعكة ، فكما أنه ساكت على ميزانية الجيش، هم بدورهم ساكتين عن ميزانية الرئاسة، ولن ينعم اليمن بالعيش مالم تقم ثورة تصحيحية للجيش وتزال عتاولة الفساد منه و فك الارتباط بين الوظيفة المدنية والعسكرية..
د.عمار التام
حل الجيش..أم حل البزة العسكرية؟! 1191