القارئ للمشهد اليمني جيدا يجد أن أسوأ مراحل اليمن بالسقوط الأخلاقي كقيم ومبادئ هي فترة حكم علي صالح.. كل حياته عنف وعدم احترام بالوعود والاتفاقيات وشديد التعنت والتعصب.. شرع للفساد والقتل والاستبداد والانتهاكات وكلها لحماية ذاته ومشروعه الخاص وتآمره على الوطن مع الإقليم والتنازل عن أراضي من سيادة الدولة ورسخ حكمه بسفك دماء معارضيه وخصومة.. ساهم في وحدة اليمن باتفاقية مبرمة مع الشريك وانقلب عليها واتفاقية العهد والاتفاق وقعها ثم انقلب عليها وأسماها وثيقة الغدر والخيانة, تحالف مع القاعدة وسهل لها معسكراتها وتسليحها لضرب الشريك وهكذا استمر ينقلب على الشركاء وينتقل من شريك لآخر وهو ممسك بقوة بالسلطة وعندما اشتد الخلاف شكل عدة لجان لحوار عبثي ينقلب على مخرجاته في لحظة غضب ويشتم مندوبيه إذا توصلوا لاتفاق مع الخصوم.. كان يحكم بالخلافات, لا يروق له أي اتفاق كان أو توافق لأنه لا يستطيع الحكم في ظل هذا التوافق وبعد 2011م طلب وصاغ المبادرة الخليجية وأول من يلتف عليها ويعيق تنفيذ بنودها ثم مخرجات الحوار التي أرعبته وأعوانه تحايل عليها بسبل عدة.. محب لذاته وهذا الصنف لا يستطيع التسامح وخلع أحقاده وضغائنه رفض مشروع الرئيس للمصالحة مع الآخر كان محور الفوضى والانقلاب على التوافق والاتفاق يعني كارثة بكل المعاني على الوطن وحاضره ومستقبله, لكن الإقليم يحلو له بقاء هذه الكارثة كعائق لازدهار اليمن ليستمر فارضا وصايته علينا حتى لا تفتح ملفات قد تكشف كثيرا من قاذورات حكامهم في تآمرهم ضد اليمن ابتدأ من قتل الرئيس الشهيد الحمدي إلى يومنا هذا.
انه كتلة من الأحقاد والضغائن كشخص غير سوي لأن الشخص السوي قادر على التكيف والتوافق فظروف الحياة دائمة التغيير ويضطر الإنسان أن يعدل استجاباته ويغير نشاطه ليتناسب مع ظروف المرحلة والمرونة هي مستلزم هام لحياة الإنسان في حياة توافقية سوية والعكس صحيح والتصلب مدعاة لحدوث الاضطرابات والتوتر كحياتنا اليوم..
الرئيس عبدربه منصور كانت مهمته صعبة في ظل هذا الكيان السياسي الهش والبنية الاقتصادية المنهارة والمؤسسات الأمنية والعسكرية المجزأة والصراع القائم ووجود علي صالح كمريض سلطة ومحرض ضد التسوية والانتقال.. ظل رئيسنا التوافقي يبحث عن الشراكة الحقيقية ويضيء طريقها بنور المحبة الحقيقي بإزالة الأحقاد والضغائن والنوايا السيئة والتآمر والتجسس والخلافات بين الناس وحفر الحفر من قبل فئة لأخرى في دروب الحياة الجميلة خاصة من منطلق التسلط وحب الذات والأنا والسعي لتغييب الآخر وانه لا يستحق الحياة.. كل تلك سموم تقتل روح الشراكة لكنهم أبوا واستكبروا .
يمكن اعتبار الشراكة ثقافة نتاج وعي اجتماعي أساسه قناعات بالمواطنة وفي العمل السياسي المواطنة ترتبط عادة بحق العمل والإقامة والمشاركة السياسية في دولة ما أو هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة. وتبعا لنظرية جان جاك روسو "العقد الاجتماعي" المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها. وفق مصطلح المواطنة ليكون "المواطن الفعال" وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري عن طريق العمل الرسمي الذي ينتمي إليه أو العمل التطوعي. وتلعب المؤسسات الثقافية والفكرية والتربوية دورا محوريا في ترسيخ قيمة المواطن الفعال في نفوس المتعلمين.
وما حدث من اجتياح لصنعاء من قبل الحوثي هي مؤامرة ومخطط لعلي صالح للانقلاب على الحوار ومخرجاته بعد ان فشلت محاولاته العديدة وما الحوثي سوى مقاول نفر ومستغل للفرص وكان يراد للوطن الدخول في حرب أهليه مدمرة يعتقد علي صالح أنها قد تنقذه من العقاب والحساب ومن الدولة العادلة والعدالة الاجتماعية التي تعتبر كابوس منامه.. والحوثي هو من ذات المربع الجغرافي الرافض للحداثة والنهوض لا يغرك وجود كم من الشباب المتنور والمتحدث في الإعلام لزوم المكر والخداع وتلميع الصورة التي انكشفت حقيقتهم في الاجتياح الظالم .
المهم أن الوطن- إلى هذه اللحظة- تجاوز شبح الحرب الأهلية قد يكون الإصلاح والقيادة السياسية فوتت عليهم هذه الفرصة ولم تكن خصما عنيدا وانسحبوا وهذا التصرف العقلاني النابع من الروح الوطنية العالية التي يفتقدها خصمهم الواقع اليوم في أزمة حقيقية من الخطوة التالية هل الانسحاب أم الانقسام إلى حوثيين حقيقيين وحوثيين مزيفين هم رجال وجنود علي صالح والأمن المركزي وستكون كارثة على صنعاء والوطن.. ما يهم أخيرا أن المرجعية هي مخرجات الحوار وهذا نصر كبير للوطن على كل مخططاتهم.
كل الخيارات مطروحة اليوم اجتياح الحوثي لصنعاء صعب مساءلة الشراكة والتعايش في ظل نهبه وتكديسه لأسلحة الدولة في المناطق التي يسيطر عليها جرد الدولة من كل قوتها وصار قلعة حصينة مسلحة وقوة قادر على إرغام الآخرين على الخنوع ويشكل خطر وطني وإقليمي لا يوجد اليوم تعادل في موازين القوى التي كان هادي يصنعها الظرف يحكم عليه تسليم أسلحته والانسحاب من كل المواقع التي استولى عليها والعودة إلى قريته حوث.
أذا من حقنا كجنوبيين أن تكون لنا خيارتنا التي للأسف كان للواقع الجديد سببا في تغيير تلك الخيارات ظلينا خمسون عام ننادي بالوحدة وندافع عنها واكتشفنا أننا كنا واهمين أن اليمن يمكن أن يبني دولة مدنية رغم إيماني أن الجنوب استطاع ويستطيع تقبل هذه الدولة ولنبدأ ببناء دولتنا المدنية في الجنوب ولا اعني الجنوب العربي بل الجنوب اليمني الذي يمكن أن يضم أجزاء من الشمال القابل لهذه الدولة التي من الصعوبة بنائها في شمال الوطن.
احتار الرئيس بهذه المجتمع الذي يجنبه الانهيار والاقتتال والعنف وهو يصر إصرارا عنيدا على سفك الدماء وإزهاق الأرواح ويمارس العنف سلوكا وثقافة والبندقية هي لسان حاله والقتل فعل طبيعي للرد على الخصوم كيف له أن يخاطب هذا القوم دون أن يصير يشبههم بالسوء؟ إنشاء الله سيكون الوطن بخير لأن لغة السلام ستهزم لغة العنف.
أحمد ناصر حميدان
لغة السلام ستهزم لغة العنف 1666