كان علي عبدالله صالح يعتبر الحوثيين ورقة يتلاعب بها وليس خطراً داهماً يمكن أن يهدد الدولة في ظل الدعوة الأساسية لحسين الحوثي بإعادة الإمامة؛ فقد كان يغض الطرف عنهم معظم الوقت ويستخدم ورقتهم حينما يريد، معتقداً أنهم لا يمكن أن يتجاوزوا صعدة في وقت كان يقول فيه كثير من المحللين إن الحوثيين هدفهم هو صنعاء وليس صعدة ونظام الحكم وليس شيئاً آخر.
وفي فبراير من العام 2011 اندلعت الثورة اليمنية وانحاز اللواء علي محسن إلى الثورة وحماها بالفرقة المدرعة الأولى ضد القوات الموالية لصالح، وفي الوقت الذي انشغل فيه الثوار بالثورة والنظام في مواجهتها قويت شوكة الحوثيين بشكل كبير وتلقوا دعماً هائلاً من إيران وتركوا الثوار مشغولين بثورتهم وعلي عبدالله صالح في مواجهتهم بينما كانوا يعدون أنفسهم تسليحاً وتدريباً لما بعد الثورة ونتائجها، لكن حتى ذلك الوقت كان نفوذهم لا يتجاوز صعدة بعيداً عن العاصمة صنعاء، وبعد الإطاحة بالرئيس صالح وبدء الحوار الوطني ظهرت جماعة الحوثي بشكل أقوى مما كانت عليه بكثير وبدأت تطالب بأن يكون لها دور أساسي في صناعة مستقبل اليمن وألا يبرم أمر دون مشاركتها، وبدأت تعرقل كل شيء وبدا أنها أصبح لها مخالب وأنياب ومطامع تتجاوز حدود صعدة إلى العاصمة صنعاء نفسها وسرعان ما اجتاحت قواتها خلال أشهر معدودة كافة المناطق من صعدة إلى صنعاء، وبدا أن تحركاتها وحربها طائفية بحتة؛ حيث كانت تهدم مساجد السنة ومراكز تحفيظ القرآن ومدارس الحديث، كما كانت تتعمد أن تفجر بيوت رموز السنة وعلمائهم بشكل مثير حتى وصلت إلى منطقة عمران التي كان حزب التجمع اليمني للإصلاح- الإخوان المسلمون- يتمتع فيها بنفوذ كبير فاجتاحتها وسط معلومات تشير إلى دعم سعودي لهم كراهية في إخوان اليمن الذين كانوا يشكلون الدعم الأساسي للثورة اليمنية وذكرت مصادر عديدة أن خيانات وقعت سواء من شيوخ القبائل أو بعض قادة الجيش عبر تقديم رشى مالية ضخمة لهم، وبعد استيلاء الحوثيين على عمران رفضوا تسليمها للدولة، رغم قرار من مجلس الأمن ووصل الأمر بهم الآن إلى الدخول إلى صنعاء ومحاولة شل الحياة بها مع تأكيد حسين بدر الدين الحوثي على الدعوة لعصيان مدني يسقط الدولة، حيث يقدم الحوثيون أنفسهم على أنهم ممثلو الشعب وحاملو مطالبه، وقد انتقد كثيرون تباطؤ الدولة وضعفها في حسم المشهد من البداية وعدم اتخاذ قرارات بالمواجهة حينما كانت قوات الحوثيين بعيدة عن صنعاء وترك القبائل وقوات الإصلاح تحسم الأمر معهم دون غطاء جوي أو دعم عسكري مع عدم تقدير لحجم التسليح الذي حصلوا عليه، ومما زاد المشهد إرباكاً الموقف السعودي وإعلان الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح التحالف مع الحوثيين ودعمهم مع ما تحت يديه من كميات هائلة من السلاح وقوات مازالت موالية له في الجيش ومؤسسات الدولة، كما أن الحوثيين تمكنوا من الحصول علي كميات كبيرة من السلاح بعد الانتصارات التي حققوها على الجيش والقبائل.
المشهد في اليمن مخيف وقد أصبحت على فهوة بركان بالفعل، وإذا ما اندلعت المواجهة داخل صنعاء بين الحوثيين والدولة فإن كل شيء في مهب الريح، لاسيما أن الحرب على أرض اليمن تجري بالوكالة بين إيران ومذهبها الذي تسعى لنشره في المنطقة وبين السُنة الذين أضاع كثير منهم السُنة وربما حتى الفروض.
- كاتب وإعلامي مصري
أحمد منصور
الحوثيون يضعون اليمن على فوهة بركان(1-2) 1456