الحكومة والدولة تصرفت بلا مبالاة أثناء اتخاذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، وقد كتبتُ بهذا الخصوص عدة نشرات ومقالات محذراً من رفعها كما كتب غيري ، ولكن دولتنا بدلاً من التدرج في رفع الدعم ذهبت لترفع بأكثر من السعر العالمي وكأنها تاجر يبحث عن أرباح بغض النظر عن الظروف والمبررات التي أجبرتها على ذلك، فهي نظرت من زاوية واحدة فقط ولم تنظر لمعاناة المواطن والحالة السيئة جداً التي وصل إليها، ولم تضع الحلول والمعالجات السريع المصاحبة التي كان لابد منها مع الاعتدال في الرفع بمبلغ لا يتجاوز الخمسمائة ريال في هذه المرحلة، فرغم إدراكنا للحالة الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد ومخاطر انهيار العملة وغيرها من المبررات، لكن المواطن البسيط هو بالأصل منهار في امكاناته المادية ولا يدرك إلا الشيء الملموس الذي يعانيه، ووقع ما كنا نحذر منه وما توقعناه من قبل الحوثي.
ولان السياسة أصبحت فن المراوغة وانتهاز الفرص، فقد استغل الحوثيون هذه الفرصة وخرجوا بشعار الدفاع عن الشعب ومظلمته ، ومهما يكن من انه كلام حق يراد به باطل ، فمن حقه ان يستغل هذه الفرصة الثمينة التي لا تتكرر إلا نادراً، فأصبح يتحدث باسم الفقراء والمظلومين ويطالب بتطبيق مخرجات الحوار رغم انه رفض التوقيع على هذه المخرجات وغيرها من الشعارات التي تدغدغ مشاعر الشعب وتلامس جراحاتهم ، والدولة بغبائها لم تراعي حالة الشعب ولم تضع حساباً لطرف متربص بها وبالنظام الجمهوري, فأعطته سلاحاً فتاكاً شبيهاً بقميص عثمان، واللوم وليس على الحوثي رغم معرفتنا بأهدافه وأجندته، فهو يحاصر صنعاء باسم الجرعة، واسقط عمران ويقاتل في الجوف من اجل مشروعه الأساسي، ولكن اللوم كل اللوم على دولتنا وحكومتنا وكل مسئولينا الذين بتصرفهم الغبي وضعوا الوطن كله بهذا المأزق دون حس أو استشعار بالمسئولية، وجعلوا الكثير يقعون في حضن من لديه مشروع يخالف ثوابت الجميع لأن الغريق يتمسك في قشة.. فيا قيادات بلادنا نقول لكم" ما هكذا تورد الإبل".
وفي الختام نناشد جميع الاطراف بما فيهم الحوثيون تحكيم صوت العقل، فليس لنا أي مخرج سوى التعايش، ولن يستطيع أي طرف إلغاء الآخر، فلنترك النزق والأنانية المفرطة ونقبل بعضنا بعضاً حتى نجنب أنفسنا ووطننا المخاطر.
محمد مقبل الحميري
الدولة والحوثي والجرعة 1316