بالنظر إلى الأحداث والتطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد بشكل عام والعاصمة بشكل خاص نجد الوضع يسير نحو الأسوأ إذ أن الفوضى هي سيدة الموقف، ولعل ما حدث مؤخراً أمام رئاسة الوزراء يظهر ذلك وبجلاء منقطع النظير، فبالنظر إلى الواقع نلاحظ الآتي:
في ظل ما يسمى بالتصعيد من قبل جماعة الحوثي سار أنصار الحوثي ومن لف لفهم في مسيرة إلى رئاسة الوزراء كان الهدف حسب إعلام الحوثي إسقاط الحكومة شعبياً.
أما الرواية الرسمية فقد تحدثت عن أن الهدف اقتحام رئاسة الحكومة وتعطيل أعمالها وهذا الفعل من شأنه إدخال البلاد في دوامة عنف وفوضى عارمة قد تقذف بالبلد إلى هاوية الاحتراب الأهلي..
الرواية الحوثية- عبر الناطق الرسمي لمن يسمون أنفسهم أنصار الله- قالت إن الاعتصام أمام رئاسة الوزراء ليس إلا لتحقيق المطالب الشعبية بإقالة الحكومة وتخفيض الجرعة, لكن في الحقيقة وفيما لا يختلف عليه اثنان هو أن الحوثي كان يسعى للسيطرة على رئاسة الوزراء ومبنى الإذاعة لتحقيق أهداف مشروعه المتمترس خلف المطالب التي يدغدغ بها مشاعر عوام المواطنين..
المهم، في ظل الغضب العارم الذي شوش على أذهان المتظاهرين نتيجة التعبئة الخاطئة التي يقوم بها الحوثيون وفي وجود شعارات الموت والصرخات التي يرددونها قام الحوثيون باستفزاز حراسة مجلس الوزراء بألفاظ غير لائقة وشرعوا بنصب الخيام وتطويق المبنى وحراسته, ناهيك عن مسلحين كانوا وسط المتظاهرين يستخدمونهم للمهمات الصعبة أثناء السيطرة على المباني والمؤسسات الحكومية، وكالعادة هم يدركون أن لا مجال للعودة أو التراجع وهذا العمل كان شبيها بصب الزيت على النار إذ انفجر الوضع وقام حراسة المبنى بالإشتباك مع المتظاهرين ومسلحيهم غير أن حراسة مجلس الوزراء كانوا يطلقون الأعيرة النارية في الهواء بينما كان هناك مندسون باشروا المتظاهرين بعيارات نارية أوضحتها وسائل إعلام الحوثي أنها في مؤخرة الرأس..
ما أود قوله هو إنها أزهقت أروح وسالت دماء الأمر الذي عزز التشظي وكرس الأزمة بل وقرع طبول الحرب في العاصمة غير أن المشكلة والحدث اللافت للنظر هو تسليط الاتهامات على وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب الذي لا علاقة له بما حدث إطلاقاً، خصوصاً وقد رأينا التوجيه الصريح من قبل اللواء الترب لنائبه وللمؤسسات الأمنية ذات العلاقة بحماية المتظاهرين وتأمينهم والتعامل معهم بعقلانية وعدم استخدام الرصاص الحي إطلاقاً مهما كانت المناوشات والاستفزازات من قبلهم غير أن الجهات المأزومة التي تدير الوضع من وراء الكواليس وقد رشحت أجندتها وأهدافها المشبوهة وباتت واضحة للعيان لا تدرك ذلك، بل سرعان ما تحاول النأي بنفسها وإلقاء اللوم على من خالفهم الأجندة وعمل وأخلص لوطنه نزولاً أمام المسؤولية الملقاة على عاتقه..
وبالعودة لما حدث نجد أن حماية رئاسة الوزراء هي مسؤولية وزارة الدفاع وان أفرادها هم من أفراد القوات المسلحة ويأتمرون بأوامر وزير الدفاع
أي أن وزير الدفاع هو الطرف المقابل الذي اشتبك مع أنصار الحوثي..
إلا أن الإعلام الحوثي ومن يقف معه ممن لا يعنيهم هذا الوطن النازف غضوا الطرف عن وزير الدفاع ولم ينبسوا ببنت شفه وإنما ألقوا باللائمة وصبوا غضبهم والكم الهائل من الحقد والضغناء التي يحملونها في أعماقهم الموبوءة بالكراهية والحقد على وزير الداخلية اللواء الترب الذي لم يرضخ مطلقاً لمشاريعهم التآمرية وأهدافهم الملغومة بالعمالة وبيع الأوطان مع أن عديد من وسائل الإعلام تداولت في الشهر الماضي قضية نقل صلاحية الترب إلى نائبه والتي لم تشفع للرجل في ظل الحملة المسعورة التي يشنها إعلام الحوثي بالتعاون مع قيادات كبيرة في الدولة تعمل جاهدة لإفشال هذا الوزير الذي نحت حضوره في صخور الواقع المليء بالخيانات واللا مسئولية..
وفي الأخير أذكر أصحاب المشاريع المشبوهة أن سياسة التنصل وإلقاء اللوم على الآخرين والتآمر عليهم ومحاولة تشويه من تبقى من الوطنيين ومن المسؤولين الشرفاء والنزيهين ليست صائبة ولا تعمل على حلحلة المشاكل ولملمة الجراح وإنما تكرس للأزمات وتلقي بالبلد نحو حافة الانهيار كخدمة مجانية للأعداء ولذلك فسيتحملون المسؤولية أمام الله والوطن وهذا الشعب المطحون تحت رحى الأزمات..
الوليد بن علي الشرماني
أحداث رئاسة الوزراء ومسؤولين خلف الكواليس؟ 1320