الوطن يمر في أخطر المنعطفات التاريخية، وقادتنا السياسيون وإعلامهم، في غفلة عجيبة؛ إذ لا زالوا يمارسون المناكفات مع بعضهم البعض، متناسين القضية الأساسية المتمثلة في الوطن والحالة الحرجة التي وصل إليها بسبب سياساتهم الخرقاء, فاصبح كل شيء في خطر، فالثورة في خطر والجمهورية في وضع أخطر والبلاد برمتها على كف عفريت والقنوات التلفزيونية والصحافة بعيدة كل البعد عن القضية الجوهرية، بل البعض يصطف مع الجانب الخطأ نكاية بخصمه السياسي، ولهوى في النفس لدى بعص قادته وخصمه السياسي يدفعه لان يتوغل بالاتجاه المعاكس كرد فعل لخطابه معه، وكل الأطراف تدعي الوطنية والوطن بريء من دعواتهم التي لم يبرهنوا على صدقها في واقع سلوكهم.
أيها القادة السياسيون: تذكروا الفتنة التي حصلت بين الجمهوريين في الستينات؛ كانوا يتواجهون في السلاح وكلما شعروا بخطر الملكيين عقدوا صلحاً شفوياً وتلقائياً مع بعضهم واتجهوا يداً واحدة يدافعون عن الجمهورية، حتى دحروا الملكيين وانتصروا عليهم، فهل عقمت النساء أن يلدن أمثال أولئك الرجال الأبطال؛ أمثال الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب والمرحوم حسن العمري والشهيد محمد صالح فرحان.. فيا أيها القادة: نرجو أن تستشعروا مسئوليتكم وتقوموا بواجباتكم الوطنية، وتتنازلوا لبعضكم من اجل الوطن، وترشدوا إعلامكم، وتجنبوه الصراعات الجانبية التي تحرفه عن هدفه الوطني، وإذا لم يعجبكم "فلان" من القادة فوصلوا فكرتكم بأسلوب راقي لا تستفز أنصاره ومؤيديه، وتذكروا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قد نهى أن يسيء المسلمون لعبد الله بن أُبي" كبير المنافقين" مراعاة لمشاعر ولده عبدالله، ونهى أن يُساء في الكلام لأُبي جهل مراعاة لمشاعر ابنه عكرمة الذي أسلم بعد الفتح، وابن أُبي وأبو جهل هما أشد أعداء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على الإطلاق، ولكن آداب الإسلام وتعاليم المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام تعلمنا كيف يكون خطابنا حتى مع الخصوم، مراعاة لمن هم بيننا من أهلهم ومحبيهم، فما بالنا اليوم نجرح ببعضنا وليس منا أبو جهل ولسنا بدرجة الصحابة.
الأخوة القادة والأخوة الإعلاميون: كلنا أمل ورجاء أن تعيدوا النظر في سياساتكم وفي خطابكم الإعلامي ، بحيث يكون إعلاماً هادفاً يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يزرع الحب ويسل الأحقاد، فالوطن لا يحتمل أكثر مما فيه، فالله الله في وطنكم، الله الله في هذا الشعب المكلوم!!، فضمدوا الجراح واعملوا على لملمة الصف وتوحيد الكلمة من اجل الوطن.
هداكم الله وحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه..
محمد مقبل الحميري
السياسيون والخطاب الإعلامي 1402