نعيش الآن في اليمن مرحلة انحطاط قِيَمي وذهني ، وأصبحنا لا نفرّق بين الحق والباطل ، ولا بين الطاهر والنجس ، ولا بين الخبيث والطيب ، ولا بين الشريف والوضيع ، ولا بين الغَثِّ والسمين ، ولا بين الرجل والمائع المتأنث، ولا بين الوطني والعميل ، نقدّس التافهين ونسئ إلى الشرفاء الأحرار ــ إن وُجِدوا ــ نرى المنكر معروفاً والمعروف منكراً.. والدليل على كل ما ذكرت ما يحصل اليوم على الساحة اليمنية من جرائم ومنكرات كفيلة بتغيير مجريات حياتنا ونحن ننظر إليها بكل سلبية وبرود وكأنها لا تعني لنا شيئا بل كأنها ليست في اليمن ، لم يُحاسَب مسئولٌ واحدٌ عن فشله وتقصيره ، إذا أحسنا الظن به ولم نقل تواطؤه وعمالته.
تبلّدت مشاعرنا وماتت أحاسيسنا، وغابت ضمائرنا وضعفت رجولتنا إن لم تكن قد تلاشت وبقينا ذكوراً بدون رجولة، الواقع الذي نعيشه تدمى له القلوب وتتفطر من أجله الأكباد ، ونحن ساهون لاهُون ، نضحك ونحتفل في المناسبات ونتبادل التهاني والتبريكات على خيبتنا وضياع بلادنا، و ينتظر أجيالنا القادمة مستقبل شديد القتامة مخيف.
يا قومنا لا نقول الأمل قد مات الفرصة فاتت ، ولكن نقول نحن بحاجة لمعجزة لاستعادة كرامتنا وإنقاذ وطننا من الهاوية التي يسير إليها، وهذه المعجزة ممكن تحقُّقها إذا استيقظت فينا الإرادة واستعدنا رجولتنا التي نفرط بها يوما بعد يوم بسلبيتنا المقيتة ، ولا زال في الأمل بقية و"ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل " ولكن هذا الأمل لن يتحقق بالتمني, وإنما كما قال الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني...ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
اللهم أعِد إلينا رشدنا لنستعيد به كرامتنا وأذهِب عنّا الارتعاش والخواء الذي في نفوسنا حتى نحافظ على رجولتنا التي بها نحفظ بلادنا.
محمد مقبل الحميري
الذي يجري في بلادنا دليل انحطاط قِيَمي 1244