يحاول المتربصون بالتغيير والمتزعمون لتيار تشويه قيم الثورة ومفرداتها, ربط كل ممارسات الفساد والتردي بالخدمات والفشل في رسم السياسات وانطفاءات الكهرباء والانفلات الأمني وغيرها من ملامح التعثر بالثورة الشبابية من أجل خلق مناخ رأي عام مجافي للحقيقة مفاده: "رحم الله النباش الأول".
كل تلك المحاولات الحثيثة لتشوية الثورة تغذيها وسائل إعلام غير وطنية تعمل على تأجيج وتأليب الشارع ضد الثورة ورموزها مع تجاهل أركان النظام السابق الذي لا يزال يملك نصف مقاعد الوزراء و أغلبية المدراء وطواقمهم ممن هم أقل من درجة وزير بالرغم أيضاً أن رأس النظام الحالي ينتمي للنظام السابق والمؤتمر وأغلبية برلمانية مؤتمرية وكل تلك المحاولات الحثيثة الجارية لتضليل الرأي العام يمكن إجمالا تسميتها ب شيطنة الثورة وقواها التي مثلت الرافعة السياسية المشكلة للتوازن مع جناح القوى الثورية العسكرية والشبابية والقبلية في محاولة يائسة لعودة العجلة إلى الوراء.
كلنا يعلم علم اليقين أن من أقر الجرعة اليوم المتمثلة برفع الدعم عن المشتقات النفطية هو الرئيس هادي بنفسه والذي سبق أن قال بخطابه قبل الأخير " سنضطر إلى اتخاذ إجراءات قاسية لكنها ضرورية ", في إشارة منه إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية وكلنا يعلم حجم الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس هادي اليوم والتي خولته المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وبتجاهل حتى المؤسسات الرسمية كمجلس النواب وغيره مما جعل البلد في حالة فراغ سياسي و قانوني بفعل المبادرة لخصها الأستاذ محمد سالم با سندوه بمقابلته الأخيرة في قناة الجزيرة حين لخص كل إجاباته عن الوضع في اليمن وصنع القرار بقوله " لا أعرف " مما يؤكد أن حكومة الوفاق ورئيسها في وضعية الشلل والتي أصبحت القرارات بيد الرئيس هادي والذي تحاول أطراف متنفذة مقربة من الرئيس هادي إزاحة رئيس الوزراء با سندوه والذي عرف برفضه القاطع لتمرير الجرعة .
وكلنا تابع كيف أزاح الرئيس هادي صخر الوجيه من وزارة المالية ، و وزير الإعلام علي العمراني، وسلب صلاحيات وزير الداخلية بتفويض نائب الوزير المنتمي لمنطقة هادي الجغرافية والتي أدت به إلى تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية بما يؤكد صحة تحليلاتنا التي تؤكد امتلاك هادي لكل وسائل صنع القرار وان تظاهر بأنه ضعيف والحقيقة أن هادي يعيش أقوى مراحل قوته التي يرفض تسخيرها للدفع بالعملية الانتقالية إلى الأمام.
ومع كل ذلك يصر المزايدون على تحميل الثورة كل تبعات التفرد الرئاسي بالقرار رغم أن الثورة قدمت نماذج وطنية يحتذي بها كصخر الوجيه ، والترب ، والأشول ، والسعدي ، والعمراني ، وبا ذيب ، وشمسان ، وحميد القشيبي ، والصوملي والجائفي والقائمة تطول دون أن يفكر المزايدون ببقية الوزراء المنتمين للمؤتمر وكأنهم في حكومات جمهوريات الموز وليس بحكومة الوفاق.
سيحاول الرئيس هادي "التحاذق" بإقالة الحكومة ورئيسها وتحميلها مسؤولية الفشل, والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتم إلغاء قرار الجرعة الظالم, أم أن إزاحة الحكومة وجعلها كبش فداء بدون تغيير للسياسات الخاطئة وكفى؟، ومسؤوليات الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلد هل سيتم معالجتها، وهل سيتم بدء إصلاحات حقيقية ووضع حد للفساد, أم مجرد إعادة إنتاج الفساد بقرارات رئاسية تظهر الرئيس هادي كمنقذ وهو المسؤول الأول عن كل ما يجري في البلد اليوم؟.
يوسف الدعاس
الجرعة وشيطنة الثورة 1233