لن أُرهق نفسي في متاهة التنديد والشجب لقرار رفع الدعم عن البنزين والديزل؛ فمثل هذا الموقف ليس إلَّا محاولة عبثية ميؤوس منها إزاء قرار تم اتخاذه كضرورة وحتمية لا مناص من تعديله أو التراجع عنه وفي ظرفية حرجة وخطرة كهذه التي لم تعد تحتمل التسويف أو التأخير أو الهروب.
شخصياً سأخذ التزامات الحكومة على محمل الجد، سأعتبر أن ما أخذته على النافذين من مبالغ ضخمة سيكون ريعها على الغالبية المستضعفة ولو بعد عشرة أعوام .
سأبدأ ومنذ الآن بحساب هذه الفائدة العائدة على كل مواطن يمني من هذه البلايين التي تم إهدارها على المشتقات النفطية والبالغة فقط خلال الأشهر المنصرمة هذه السنة 656مليار ريال أي ما يساوي ثلاثة مليارات دولار وبما نسبته 20% من إجمالي النفقات العامة لموازنة الدولة.
أما إجمالي قيمة ما تم صرفه كدعم خلال عشر سنوات مضت, فأشار تقرير الحكومة إلى 5 تريليون ريال أي 22مليار دولار وهذا المبلغ الضخم كان يمكن الاستفادة منه في إنجاز وتأثيث وتشغيل مشاريع هامة وحيوية مثل إقامة 60محطة توليد كهرباء كل واحدة منها بحجم محطة مأرب الغازية ، 50جامعة وفقاً والمواصفات العالمية ، 250مستشفى وفق أعلى المواصفات العالمية ، 40ألف مدرسة أساسية بكامل التجهيزات .
فضلاً أن اليمن كانت ستستغني عن جميع المساعدات الخارجية ، منوهاً إلى أن حجم الدعم للمشتقات النفطية خلال العام 2013م بلغ أربعة أضعاف ونصف حجم الإنفاق المحلي على استثمارات البنية التحتية مجتمعة" كهرباء وطرق ومدارس وجامعات ومشاريع مياه وصرف صحي".
وأشار تقرير حكومي صادر عن وزارة المالية، إلى أن المبالغ التي ستعود من رفع الدعم عن المشتقات النفطية سيتم الاستفادة منها في "إطلاق علاوات الموظفين الحكوميين البالغة 84مليار ريال والمتوقفة منذ 2012م, فضلاً عن خلق المزيد من الوظائف وزيادة حالات الرعاية الاجتماعية بـ250ألف حالة فقيرة, إضافة إلى 7ملايين حالة حالياً.
كما سيتم زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية بنسبة 50% وتوجيه مبالغ الوفر نحو الخدمات الصحية والتعليم والأمن والبنية التحتية ولخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي وبما يؤدي إلى خلق وظائف عمل أكثر وأفضل.
أما المزارعون المتضررون من إجراء الحكومة, فسيتم مساعدتهم عن طريق إعفاء مدخلات الطاقة البديلة " مثل الطاقة الشمسية" من الجمارك .
نعم سأبلع الجرعة رغم مرارتها وقسوتها، وسأصدق الحكومة إذا ما قالت بان الجزء الأكبر من الدعم يذهب إلى الأغنياء ويستفيد منه المهربون وتجار السوق السوداء وقليل منه يستفيد من الفقراء الذين بالكاد نصيب الواحد منهم من دعم البنزين والديزل ريال واحد مقابل 23ريالاً و9ريالات على التوالي للأغنياء – الحكومة تخجل عن وصفهم بالنافذين الفاسدين – وهذا الدعم المقدر بـ35% يذهب للـ20% الأغنى من الشعب اليمني, بينما الفقراء وهم الأغلب لا يحصلون سوى على 10% فقط .
ضف لذلك انه لا يمكن قبول تسعيرة الوقود الحالية وفي بلد فقير كاليمن, فبرغم فقرها فسعر البنزين والديزل أقل بكثير من دول العالم بما فيها دول المنطقة مثل الأردن والسودان وإيران وباكستان وسوريا ولبنان، كما وأقل من نصف السعر في دول مثل جيبوتي وأثيوبيا ولبنان والمغرب وموريتانيا وغيرها .
سأخذ المسألة برمتها هكذا: 5تريليون ريال أي 22مليار دولار في عشرة أعوام أي 1,8 مليار سنوياً- تريليون و312مليار ريال أي 6مليارات دولار وفقا لوزارة المالية – وهذا المبلغ يكفي لإنجاز 6محطات كهرباء في السنة الواحدة وكذا بناء 5جامعات و4000مدرسة بكامل التجهيزات و25 مستشفى وفقا وأعلى المواصفات العالمية – اعملوا خط تحت افضل المواصفات العالمية – زد على ذلك اليمن ستستغني عن كل المساعدات الخارجية .
لا أريد أن أذكركم بما وعدت به الحكومة من علاوات ووظائف وفرص عمل وزيادة الرعاية الاجتماعية للفقراء والمتقاعدين وسواها من الوعود؛ لكنني هنا فقط أشير إلى حجم ما بددته الحكومات السالفة من مبالغ مهولة كان يمكن الاستفادة منها في إقامة مشروعات هامة وحيوية في الكهرباء والصحة والتعليم والاستثمار .
لذا ومثلما قلت لكم: سأنتظر من حكومة القرار الصحيح في الزمن الحرج, الإيفاء بما التزمت به للموظف والمواطن وان كان ما أعلنته ضئيلاً وهامشياً بالنظر إلى ما فقده؛ الاثنين.
نعم سأبتلع الجرعة مقابل إنشاء ست محطات كهرباء و5جامعات و25مستشفى و4000مدرسة وكل هذه الأشياء ستكون في سنة واحدة يا نعمة الله!!.
محمد علي محسن
جرعة..يا نعمة الله!! 1484