كلنا يعلم حجم الجراحات التي يمر بها وطننا الحبيب هذه الأيام , وحجم المآسي التي تتعرض لها بعض المحافظات من خلال الحروب والمواجهات مع الجيش سواءً في الشمال أو الجنوب بل في اليمن ككل.. أحببت أن أفتتح مقالي بهذا الحديث لكنني سأكتب عنه لاحقًا إن شاء الله.

 وما جعلني أكتب اليوم هذا هو أنني صباح أمس ذهبت إلى الجامعة, ولأنني أدركت بأن الوقت قد كان ضيقًا فضلت التواصل بـ"موتور" إلى هناك لأن الدكتور الذي يدرسنا إحدى المواد الأدبية طلب منّا الحضور لتصحيح ما طلب منّا من تكاليف.. أثنا مروري أمام بعض محطات البترول والديزل رأيت طوابير مهولة من السيارات, فقلت في نفسي " الله يعينهم, إذا هو أنا ما بقدر انتظر مثلهم, هؤلاء لديهم سعة صدر", ولم أكن أعلم بأنني سأعاني من هذه الحالة فور صولي الجامعة.. للتو وصلت إلى الجامعة حيث زملائي وأصدقائي والأقربين إلى قلبي, فوجدت الدكتور الذي وعدنا بالحضور لم يصل, ولم أجد أي مؤشرات لوصوله, وليس أمامنا أنا وزملائي سوى الانتظار.. وصل الدكتور متأخرًا, ودخل إلى مكتبه, فارتص الطلاب والطالبات أمام المكتب وهو يعلم بوجودهم ويراهم.. حيث كانت الصفوف مرتصة ومنتظمة كصفوف وطوابير البترول بفارق أننا كنا أكثر انتظاماً وصمتاً وذلك احتراماً وتقديرياً لدكتورنا القدير.. خرج علينا الدكتور وكان خروجه بمثابة عودة الروح إلى الجسد لأننا مللنا الانتظار الذي لا فائدة منه بتقدير من همس إلى أذني من الطلاب وبتقديري شخصيًا بعد أن رأيت نتيجة الانتظار بنفسي ليقول لنا: اذهبوا إلى المكان الفلاني وسألحق بكم.. سمعنا وأطعنا دكتورنا-القدير- وذهبنا إلى حيث قال لنا حيث الشمس الأكثر أشعة وحرارة.. انتظرناه هناك, لكننا في الحقيقة لم نكن ننتظر سوى هذه "الكويلمات": الدكتور لديه اجتماع بإمكانكم أن تنتظروه حتى ينتهِ من الاجتماع.. دون تحديد الفترة التي سيجتمع بها.. بعد سماعي لهذا الكلام قامت ذاكرتي –المقدسة- بعمل جولة لما اكتسبته منذ الصباح فأيقنت ملياً بأن حال طوابير البترول أرحم وأشفق من طوابير الدكتور.. لم أعِ حينها هل نحن بشر وذوي عقول يجب احترامنا والتعامل معنا كبشر أم أننا مجرد قطيع تابعين لأحد ما..

*رسالة لدكتورنا القدير:

دكتوري القدير: كتبت هذا المقال ليس للسخرية أو الاستعراض, وأنا على يقين بأنك ستستخرج الكثير من الأخطاء من هذا المقال وقد تجعلها مبرراً لعدم الاهتمام بمضمون المقال.. دكتورنا القدير: أنا أتحدث هنا بلساني فقط وأقول رأيي بما رأيته ولاحظته يتكرر فأنت لم تسمح لنا في قاعة الدراسة بالكلام بمثل هذا الحديث الجريء وإذا تكّلم أحدنا تحول كلامه ضده في غمضة عين, وتحاول أنت إيجاد المبررات حتى تجعله في قفص الاتهام ويسخر منه بعض الزملاء الذين لم يفهموه, وكلامي هنا كما أراه ليس فيه ما يخل بالأدب أو حتى أدني شيء يجعل القارئ يحكم عليه بذلك, فأولًا وأخيرًا أنت دكتورنا وأتمنى أن تحتسب هذا المقال تكليف شهر مارس.. أخيراً أتمنى منك أن تتقبل هذا المقال بروح رياضية وأتمنى كذلك أن لا يكون سبباً في تعثري نهاية العام.. دكتورنا القدير كانت اليوم طوابير البترول والديزل أشفق عليّ شخصيًا من طوابير انتظارك.. والله من وراء القصد..