العولمة مصطلح يتردد صداه كثيراً, ويشغل بال الكثيرين من مفكري العالم, رغم أن أول ظهور له كان مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي, هذا المفهوم الذي ابتدأ في مجال الاقتصاد لكنه أخذ يتوسع ليشمل مجالات كثيرة, وما زال يحتل أراضٍ مصرفية جديدة, كونه يتجاوز حدود الزمان والمكان ويلغي القواسم الفاصلة بين الشعوب, فهناك العولمة الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية, ولما كان المجال الإعلامي ووسائل الاتصال هي الأداة الأولى التي تسهم في تحقق مفهوم "القرية الكونية" لذلك من الطبيعي أن تكون الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها هي المتأثر الأول والمباشر بظاهرة العولمة التي فرضت نفسها كضرورة حتمية لا يمكن اللحاق بركب العالم دونها, العولمة الإعلامية تعني جعل الأفكار والثقافات واحدة في كل شعوب العالم, عبر استخدام مؤسسات إعلامية علمية في ترقية الشعوب في دول العالم النامي..
ورغم أن للعولمة إيجابيات تتمثل في تحقيق التواصل والتلاقح الفكري والثقافي بين الأمم, إلا أنها لا تخلو من السلبيات التي أثقلت كاهل المواطن في الدول النامية, وحالت دون نهضته ولحاقه بركب العالم المتحضر, أبرز هذه السلبيات تكريس ثقافة قطبية واحدة ـ ثقافة العالم المتقدم ـ وإلغاء التعددية الثقافية وخصوصيات الشعوب وهويتها, إضافة إلى جعل الشعوب النامية, شعوباً مستهلكة فقط, وعجزها عن توطين الأدوات الحضارية للأمم المتقدمة, والعمل على تطويرها بما يعزز نهضة البلدان النامية, هذه لمحة مختصرة ولا يمكنني إتمام هذه الظاهرة الجميلة في هذا الحيز البسيط.
محمد المياحي
العولمة الإعلامية 1446