يُصر عبد ربه منصور هادي بقصد أو بدون قصد على أن يُشعِر الشعب اليمني بأنه لا يزال نائباً لرئيس الجمهورية ولم يصبح بعد رئيساً لليمن رغم التأييد الدولي الذي يحظى به حالياً ورغم انتهاء ولايته قانوناً ودستوراً ـ إلا أن عُقدة النقص لا تزال تمثل هاجساً مرعباً لدى هادي؛ فعدم تنازل علي عبد الله صالح عن رئاسة المؤتمر له وبقائه في موقع نائب رئيس المؤتمر أي نائباً لـ"صالح" وأميناً عاماً لحزبه؛ موضوع يؤرق هادي ويجعله يتصرف - ودونما شعور- كنائب رئيس الذي اعتمد عليه صالح على مدى (22) سنة لرئاسة لجنة الاحتفالات التي تُعنى بترتيب احتفالات الجهات الحكومية بالأعياد الوطنية وشراء الأعلام والتي بات الشارع اليمني لا يشعر بقيمتها وتمثل له واحدة من أبواب الفساد التي تزيد من معاناة وتجويع الشعب اليمني؛ نتيجة ما يُصرَف ويُنفَق عليها من مبالغ مهولة باسم احتفالات كاذبة يحظى بها المسؤولون في المحافظات وثُلة من الوزراء (السرق) الذين لم يتوانوا لحظة واحدة عن مصادرة وسرقة حتى فرحة الشعب بأعياده الوطنية من خلال إقامة مهرجانات زائفة تُصرَف على إثرها ملايين الريالات داخل صالات مغلقة يحضرها فقط مسؤولو وسرق هذه الدولة في حين يظل المواطن بائساً في بيته يتجرع كؤوساً من الظلام وأطناناً من موجات الحر اللاذعة في المحافظات الساحلية نتيجة للانقطاعات المستمرة لكهرباء الوزير سميع الذي سارع إلى نقل التجربة السودانية فيما يخص عدّادات الدفع المسبق قبل أن يوفّر الطاقة الكهربائية، وجاب العديد من الدول شرقاً وغرباً ليستفيد من تجاربهم في حل مشكلة الكهرباء، ولم يكلف نفسه الذهاب إلى ميناء الحديدة لإخراج محطة مأرب الغازية 2 القابعة في الميناء منذ ثلاثة أشهر والتي ستعمل على إيقاف فساد عقود شراء الطاقة على الأقل خلال خمس إلى ست سنوات قادمة.
هادي النائب لـ"صالح" في المؤتمر خرج أمس الأول علينا بتعميم لجميع الجهات الحكومية والمسؤولين في حكومة الوفاق والمحافظين والوزراء المحسوبين عليه يدعوهم فيه إلى ضرورة الاحتفال بالذكرى الرابعة والعشرون لتحقيق الوحدة اليمنية والاحتفال كذلك بمخرجات الحوار الوطني، التي يدرك هادي أنها قد ذبحت الوحدة وأصابتها في مقتل من خلال إقرار الفدرالية والأقاليم!! شعور هادي بعقدة النقص يبدو أنه هو ما دفعه قبل حلول ذكرى تحقيق الوحدة بعشرة أيام إلى إطلاق هذه الدعوة كون الرئيس صالح إبان حكمه كان يكلف هادي - الذي عينه صالح رئيساً للجنة الوطنية العليا للاحتفالات ومنعه من قص الأشرطة أثناء افتتاح العديد من المشاريع الاستراتيجيةـ ظناً منه بأنه سيوصل رسالة للشارع بأنه بات رئيساً إلا أن العكس هو ما حصل, فالجميع رأى هذه الدعوة المبكرة من هادي لا تعدو عن كونها حفاوة من هادي بمنصبه كرئيس للجنة الاحتفالات المنصب الذي عيّنه فيه صالح.
كمواطن بسيط أستغرب من دعوة شخص يعتبر نفسه رئيساً في بلد ينهش فيه الفقر والجوع والإرهاب جسد المواطن زد عليه انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية في عدد من المحافظات الشمالية، للاحتفال بالذكرى الـ"24" للوحدة التي تأتي في ظروف تكاد تكون الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث حيث أن ثمة طبقة من المسؤولين والمرفهين والرئيس في مقدمتهم ينعمون بالرفاهية والرخاء وعدم انقطاع الكهرباء ولا يزاحمون في طوابير محطات الوقود، والسواد الأعظم من الشعب المغلوب على أمره والمقهور بسلطة وفاق يقودها رئيس انتهت ولايته إلا أنه باقٍ بمشروعية المجتمع الدولي، وحدهم هم من يعانون من كل هذه المصائب التي ابتلانا الله بها كما ابتلانا برئيس وحكومة لا يجيدون سوى التسول واستدرار الدعم من الخارج تحت ذرائع عدة أحدثها مكافحة إرهاب القاعدة!!
مرايا:
(البنادق في واشنطن) أتذكر هذه العبارة التي نقلها إلي أحد وجهاء محافظة مأرب وأكدها لي أحد مشايخ شبوة كانت عبارة عن رد من الرئيس هادي لطلب أحد أبرز مشايخ شبوة الذي طلب الرئيس هادي بعد مقتل ستة من آل شبوان على يد مسلحين من شبوة داخل العاصمة صنعاء مطلع فبراير 2012م حين كان الرئيس السابق/ علي عبد الله صالح، يستكمل بقية علاجه في واشنطن.. حيث طلب أحد مشايخ شبوة من الرئيس هادي مجموعة من البنادق كتحكيم في حادثة القتل الغدر والتي اعتبرت ثأراً لقضية سابقة حدثت في شبوة قُتل على إثرها مجموعة من أبناء شبوة على يد مسلحين من مأرب نتيجة خلاف على أحد المواقع النفطية، هادي كان حينها رئيساً لليمن بتفويض من صالح، وكان رد الرئيس هادي للشيخ ـ بحسب ما نُقل لي ـ (ماشي عندي بنادق, البنادق في واشنطن، عندي نظام وقانون).. حينها شخصياً استبشرت بهذا الموقف خيراً كون الرئيس يثبت دولة القانون لكني سرعان ما صرفت النظر عن هذه البشارة, فهادي سارع في مواقف عديدة إلى إدارة الأزمات وحل المشاكل بالتحكيم والعُرف القبلي عبر الأبقار والبنادق تارةً والوساطات وصرف الأموال ببذخ تارةً أخرى ويا للأسف من شخص لم يحترم كلمة قالها ولم يلقِ لها بالاً!!.
إبراهيم مجاهد
النائب هادي.. 1824