أبين الخضراء.. ذات الطبيعة الجميلة والزراعة النضرة , والبساتين الغناء , والأشجار الوارفة , والحقول الواسعة, والأرض السهلية المنبسطة, والمياه الجوفية الغزيرة - وخاصة منها الدلتا- كل هذا وغيره لم يمنحها فرصة حقيقية لإعادة تأهيلها بعد إن دمرتها الحرب!!
زائرها لأول وهلة , تبهره مناظرها الخلابة , وسهولة العيش فيها بسلام .. لكنها تخفي في حنايا الصدر آلاما ومتاعب لا حصر لها.. كانت مسرحا لكل حدث جلل.. منذ مطلع انتصار الثورة الاكتوبرية ومازالت إلى اليوم.
في المشهد السياسي لها الصدارة دائماً.. وكل تحول كبير في الجنوب ما قبل الوحدة لابد أن تبدأ إرهاصاته الأولى من أبين(وهي كذلك بعد الوحدة أيضا)..أبناؤها رموا رئيسهم (قحطان الشعبي) بالطماطم حين اختلفت الرؤى السياسية ..خاطب الجموع المحتشدة قائلا: (يا أبناء الثورة المجيدة)فردوا عليه برميه بالطماطم فقال كلمته المشهورة(يا أبناء السلاطين) وكان ذلك سببا لإسقاطه.
في مارس عام 1967م تم طرد(شلة)العقداء المرتبطون (فكريا)بالمستعمر، وكانت أبين سباقة إلى هذا الحدث.. وفي أحداث يناير86م المأساوية كان لها الدور الأكبر, وفي حرب صيف 94م كان لأبنائها- من القادة العسكريين- الدور الواضح , وفي الثورة الشبابية السلمية كان دورها بارزا قبل بدء الثورة .. فأبناؤها هم من نصبوا محكمة شعبية لعلي عبدا لله صالح في زنجبار واعدموه (معنويا) عبر صورته , قبل إن يجرؤ احد(شمالا وجنوباً) على تحديه.
وفي كل منعطف من منعطفات الثورة كانت أبين بارزة فيه , وأبناؤها وقودا له.
ومع كل ذلك وغيره, إلا أن هذه المحافظة السخية في عطائها, الوفيرة خيراتها ..لم تجد الاهتمام اللائق بتضحيات أبنائها وإسهاماتهم في مسار الثورة اليمنية شمالا وجنوبا .. وظلت أبين أشبه ببقرة حلوب لكل من تعاقب على حكمها.. تعطي بسخاء من لا يخشى الفقر وتقابل بالجحود والنكران.
تعاقب على إدارتها منذ فجر الثورة قرابة (14) محافظاً, لم يتركوا أي بصمة ايجابية يذكرون بها , باستثناء ثلاثة محافظين فقط كانت لهم بصمات إيجابية رغم الهنات(محمد علي احمد/ فريد مجور/ محمد صالح شملان).
الضربة المؤلمة!!
وآخر مواجع المحافظة المؤلمة التي لن ينساها الأبينيون ما حيوا (واخشى أن لا تكون الأخيرة) هو احتلال القاعدة لها عام 2011م وما خلفه من نزوح أهاليها وما عانوه من ظروف جد قاسية إبان النزوح.. وهذه الصفعة القاسية على وجوه الابينيون, مثلت درسا قاسيا لهم لم يكن في الحسبان.. وينبغي أن يدفعهم ليرموا وراء ظهورهم كل خلافاتهم على تنوعها, وأن يكونوا صفا واحدا في مواجهة التحديات التي مازالت تحيق بهم, حتى لا يعودوا لمثلها.. ويأتي ذلك من خلال بسط روح التآخي والتآلف والمحبة بينهم. ونبذ كل سلوك سلبي من أوساطهم, حتى تعود أبين كما كانت .. آمنة مستقرة, وأما رؤوما لكل من آوى إليها ..تطعمه من جوع وتؤمنه من خوف, دون أن تسأله من أي منطقة هو .
وهي اليوم تبتسم على استحياء لانتصارها بخروج القاعدة منها وعودة أهلها إليها.. لكن مازال هناك من يريدها ساحة لصراع الأضداد، وهذا ما جعلها تبتسم على استحياء!!
واليوم وفي ظل قيادة الأستاذ/ جمال العاقل لها, يعلق الابينيون آمال عريضة على سعيه الجاد وإخلاصه الصادق لأهله وناسه, لتخليصهم مما يعانوه, وتذليل الصعاب أمام أعادة أعمار أبين, وعودة الحياة الآمنة المستقرة إليها, والعمل الجاد على إخراج المحافظة من دائرة الصراعات والمكايدات العقيمة, إلى فيحاء الأمن والاستقرار.. وذلك ما يؤمله الابينيون منه, كونه احد أبناء المحافظة ولن يكون عاقا لأهله وناسه.
وعندها سيجد كل الخيرين, والغيورين على أبين وأهلها يقفون إلى جانبه ليعينوه في كل عمل وطني صادق ومثمر.. فهل يكون محافظنا العزيز على مستوى التحدي؟! هذا ما نؤمله.. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ).
منصور بلعيدي
أبين الخضراء..تبتسم على استحياء!! 1456