يتراءى لنا أن ما تقوم به عصابات الحوثي بمختلف مناطق الجمهورية اليوم هو لكبح جماح القبيلة والتي طالما تبادر لأذهاننا أنها العائق الوحيد لأي تقدم حضاري- حد وصف من يسمون أنفسهم بالحداثيين- فالشواهد أثبتت العكس تماماً حين رأينا رأي العين الواقع يحبك قصة مغايرة لما قيل.
ماذا قيل؟ قيل أن القبيلة "أفيون" يجب التخلص منها كي تنعم بلادنا بالعافية في لحظة سقوط جماعة الحوثي سهواً من قاموس ذلكم الكاتب المرتزق والذى أضحى مصدر دخله الرئيس ما يأتيه من المكتب الإعلامي للحوثي؛ كيف حدث هذا؟ ليبرالي يرفض البرجماتية كما تقول أدبيته في الحين ذاته يسيل لعابه حين تمد له صرة المال جزاء عمله.
بالأمس القريب كان من يحمل السلاح يصف بالمتخلف والهزلي والأبله والرجعي والشاذ واليوم العكس؛ هاهم يصفون عبدالملك الحوثي بإصرار منديلا؛ مغامرة غاندي؛ شموخ جيفارا... أين ذهب حديث الأمس؟
كيف يصف الحوثي بالإنسان السوي والوطني الغيور والمناضل الجهبذ ! في لحظة يقتل فيها الناس في وضح النهار لا ذنب لهم إلا أنهم لم يؤمنوا بدينه الجديد.
حرباً بهيمية يخوضها الحوثي ضد العزل تقتيلاً وتهجيراً واخفى في غياهب أدغال سجونه.. بمال الدولة يشتري الولاءات؛ بسلاح الدولة يقتل الأبرياء, بصمت الدولة يحرق الأرض ويعثو فيها خراب.
وللأسف تجد من يبرر له هذه الأعمال القبيحة الفجة؛ مقابل حفنة مال لعين.. ونكاية بالأخر.
رقصت أقلام الأدعياء يوماً وأياماً وجفت محابرهم كتابة بأن: المساجد لله تعالى يعبد فيها ويذكر فيها اسمه في حين يصمتون على جرائم تدنيس المساجد والرقص فيها ومضغ القات وإغلاقها أحايين.. وما مساجد عمران وصعدة لخير دليل.
يساورني القلق حين أحدق ببصري الواقع, بالأمس كان يقال لنا أن "مارثن لوثر كنج" أسطورة زمانه حين نذر نفسه وحياته قرباناً لنضاله وعمل بجداً ومثابرة منقطعة النظير من أجل القضاء على التميز العنصري بين السود والبيض في الولايات المتحدة الأمريكية, هذا خير دليل على أن أستاذ الأمس كان كاذباً مفتري أفاكاً, وطلاباً أكثر من ساذجين حين صدقوا أن "كنج" ينتمي لنفس المدرسة.
أصخبتم المسامع بنظريات واهية هلامية لا محل لها من الإعراب وسعيتم جاهدين دونما كلل لتطعيمها للصغار والكبار على حداً سوى, من يدعي الوطنية والعدالة الاجتماعية وحرية الفرد بالأمس باعها اليوم بسوق النخاسة, كمن صنع إلهّ يعبده من التمر فجاع فأكله.
انبلج الصباح واضمحلت عرى التبعية العمياء حين تفتحت أزهار الربيع, كذبت نظرية أرضى بابا الكنيسة هو أرضى للرب؛ فالأرض كروية مهما كفرت به الكنيسة؛ واصل الإنسان إنساناً لا قرداً؛ والناس أحراراً لا عبيداً.
عمر محمد حسن
عصابات الحوثي 1104