أكثر حرصاَ على نجاح المشروع الإسلامي من أبناءه هم أولئك الذين يعملون من أجل تصحيح الخلل الكامن في الهيكل الحزبي والحركي للمشروع, سواء على صعيد الأعمال والممارسات أو صعيد الفكر الذي يمثل بؤرة الخلل الذي يعايشه الحزب, لذلك قبل أن أوضح فكرتي في هذا الموضوع أدعو إخواني إلى الاستماع لمثل هذه الأصوات بهدوء واتزان تدقيق؛ لإدراك أبعاد الأصوات ولا نريد أحكام عاطفية وانطباعات أولية وولاء أحمق ورفض كل صوت يدعو إلى إصلاح موضوع يراه خاطئاً, فلذلك على قيادات الحركة أن تقبل الرأي المخالف, كون الاجتهادات البشرية ليست منزه عن النقد واخطر شيء داخل الحركة وقواعدها الشعبية النظر إلى الرأي المخالف نظرة توجس وشك وضيق.
لا أطيل الكلام فجوهر القضية أن مفاصل الإدارة تعاني من مركزية شديدة جعلت من أعضاء التنظيم مجرد أدوات لا تعي شيئاً, وكائنات صماء تعطل دور العقل فيها إلى درجة تحول أعضاء الحركة إلى أوعية تصب فيها الأشياء لتفعلها دون إدراك أو استيعاب.
طبعاً هذه إشكالية مصرفية كبيرة على الجميع الوقوف عليها بجد, صحيح أن البعض سيقول هناك خوف من الفوضى والانعكاسات التي يمكن أن تترتب على هكذا قرار لكن الأصل خلاف ذلك والممارسة خير دليل, حيث أن الرجوع إلى المربي أو المسئول في كل صغيرة وكبيرة تعيق سير العمل داخل الحركة, ويتنظر المربي أو المعلم كي يعود إليه حسم في عمل ما و بهكذا أسلوب يتعطل جهدنا ونخسر كثير من الطاقات, ونجعل أفراد الحركة أناس سلبيين لا مهام لهم ويتكرس بذلك مفاهيم لطالما انتقدنا الآخرين بسببها, الأبوية والمشيخية والاستفراد بالقرار وبذلك نكون قد أسهمنا في تجهيل الأفراد وحرمانهم من تعليم أصول الإدارة وتحمل المسئولية بترسيخ النظام اللامركزية وإعطاء صلاحيات للطبقة الوسطى.
والصف الثالث أمر في غاية الأهمية خصوصاً في أيامنا هذه التي يشهد بها العالم تغييرات كبيرة تسهم في تشكيل عقليات شبابية أكثر نضجاً وتوازناً إضافة إلى الطاقة والحيوية التي تسهم في إثراء وتخصيب البيئة الفكرية التي ندعو إليها, فهل يقبل آبائي في الحركة الإسلامية نصحي إليهم أم أن التيار التقليدي المنغلق هو المتغلب على القرار؟
أم أن المشكلة أن النقد الذاتي مرفوض؟ خياران لم أتربَ عليهما ولم أعهدهم طيلة عهدي بفكرهم واحتكاكي بحركتهم.. أملي فيهم أكبر..
محمد المياحي
المركزية الحزبية مرفوضة 1728