لو خُيّرت بين إخوانية محمد اليدومي وقحطان وإنصاف مايو ومحمد سيف العديني وتوكل كرمان وصلاح باتيس وسعد الربية وألفت الدبعي ونبيلة الحكيمي وأسماء القرشي وعبده المشرقي وعبد الرقيب الهدياني و....إلخ, وبين قبيلة الشايف والأحمر والعواضي والمرادي والكندي والحمومي والعدناني والقحطاني ووو... فإنني وبلا تردد سأنحاز لفكرة تنظيم الإخوان على أن أكون نصيراً لفكرة عصبية شوفينية سلالية هي أدنى وأقل من الانتساب لتنظيم سياسي مهما كان حجمه ضئيلاً وأياً كان خلافنا معه أيديولوجيا وفكرياً وتطبيقياً وخطاباً.
الأمر ذاته ينطبق على قطر والسعودية ، فما هو مؤكد أن موقفي سيكون الى جانب الإمارة الصغيرة التي أعدُّها نابضةً ألقاً وحُلماً وحياةً وفكرةً على أن أقف مع قارة في مساحتها المغتصبة ، وفي ثروتها فيما حقيقتها أنها أقل من جزيرة مالطا في رقي وعدالة نظامها وأدنى من إمارة موناكو في تعاملها وتفكيرها واحترامها للحقوق والحريات.
المسألة لا تُقاس هنا بكبر أو صغر الدولة ، باتفاقنا مع المملكة وقنواتها نحو مصر أو رفضنا لها جميعاً تجاه سوريا ؛ لكنها تقاس بما تحمله هذه الدولة أو تلك من أفكار ورُؤى ومضامين حقوقية وإنسانية وحضارية وقبل هذه بالطبع ما تجسده قطر أو المملكة في واقع الممارسة الحياتية سياسياً ومجتمعياً وقومياً وإقليميا ودوليا وإعلاميا وثقافيا.
فشتّان بين دعم قطر لتمكين إخوان مصر أو اليمن أو ليبيا أو تونس من السلطة ومن خلال صناديق الانتخابات وقنوات الفضاء وبين دعم السعودية لإفساد وتعطيل مسيرة الثورات في هذه البلدان ومن خلال الانقلابات العسكرية واستخدام القبائل والجماعات المسلحة . نعم شتّان بين دعم قطر لحركة الاخوان في سوريا وبين دعم السعودية لحركة " داعش " في العراق والشام .
والأمر ذاته مع قضايا وطنية وعربية ودولية حاضرة بقوة الآن فلا أخفيكم تعاطُفي الشديد مع الأوكرانيين ورفضي لصلف الرئيس الروسي بوتين الذي لم يجد سوى جزيرة القرم كي يتحدّى أوروبا وأمريكا ، وغير سوريا كي يثبت دعمه السياسي والعسكري والدبلوماسي للنظام العائلي الطائفي .
نعم .. فإما أن ننتصر لأفكارنا ومُعتقداتنا السياسية وإما أن نعلنها صراحة بأننا مع قبائلنا وطوائفنا وعشائرنا. إما أن نكون مع حق الشعوب في الحرية والعدالة وأين وُجِدت في الشيشان والتبت وكردستان والبحرين وسوريا واليمن وووالخ, وإما أن نكف على الأقل عن المزايدة والمتاجرة بالشعارات الثورية والديمقراطية والانسانية والليبرالية.
في الحالتين ينبغي لك أن تنحاز إلى مبادئك وقناعتك وقبل ذا وذاك فطرتك الانسانية الأصيلة التي لا أعتقد انها ستقبل نُصرة نظام - أياً كان شكله وشرعيته – على حساب قتل ونفي شعب برمّته وتدمير مقدرات دولته . كذلك هو حال روسيا وقيصرها الجديد حين يستولي جيشها الضخم على جمهورية حكم ذاتي في أوكرانيا ومن ثم يشرع في صياغة المبررات القانونية والأخلاقية لضم ما احتّله بالقوة والعنجهية .
إنها المبررات التاريخية والقومية ذاتها التي دفعت الرئيس العراقي الأسبق لاحتلال الكويت يوم 2أغسطس 90م وضمّها للعراق كمحافظة جديدة تحمل الرقم 18.كما وهي الاحاجي الروسية نفسها التي يرددها إعلام روسيا والانظمة السائرة في فلكه اليوم حيال جريمة الغزو للقرم وقبلها بالطبع وقوفها في وجه ثورة الشعب السوري التي قد تتفاوت وجهات النظر حول طبيعة الفصائل الارهابية المشوهّة لروح عدالتها واستحقاقها, لكنها في النهاية ثورة شعب وعلى روسيا احترام حق السوريين في تغيير نظامهم الأسري القمعي.
المسألة التالية التي أود الحديث عنها لها صلة بالرئيس المعزول محمد مرسي والمشير/ عبد الفتاح السيسي الوزير المنقلب على رئيسه . فهنا أجدني منحازاً للرئيس الشرعي المدني المنتخب شعبياً وفي أول انتخابات رئاسية حرة وشفافة شهد العالم بنزاهتها.
لست إخوانيا متعصباً للرئيس المُنقلَب عليه عسكرياً وإن بغطاء ثورة شعبية عارمة مباركة ومبررة ايضاً لتدخُّل الوزير السيسي ، بل وعلى العكس فكثيراً ما اعتبرت مصر أكبر من أن تُحكَم من تنظيم تنقصه الخبرة والتجربة والأهلية لقيادة بلد بحجم المحروسة وأهميتها ودورها وريادتها في المنطقة.
فعلى فرضية مساوئ وعيوب التجربة القصيرة كان لتدخُّل الجيش قد أعادني إلى زمن انقلابات جنرالات جمهورية أتاتورك إبان الستينيات وحتى التسعينيات من القرن المنصرم ، وقتها كان يكفي جنرالات الجيش الادّعاء بمروق الحكومة عن مبادئ الجمهورية التي وضع أسسها الجنرال مصطفى اتاتورك فتسقط هذه الحكومة وشرعيتها ودونما حتى اعتبار لكونها مُنتخَبه وتمثل الارادة الشعبية الحقّة مقارنة بقادة الجيش الحراس للجمهورية إنابة عن شعب لم ينتخبهم أو يفوضهم.
لا مقارنة البتة ما بين رئيس منتخب وبين وزير مغتصب للسلطة ، بين رئيس نختلف معه تنظيما وأسلوباً وطريقةً ونهجا لكننا نتفق معه من ناحية مشروعيته المستمدة من انتخابات حرة تنافسية ، كما لا نختلف حوله كأول رئيس مدني جاءت به ثورة 25يناير وبين قائد جيش قدّم ذاته كمنقذ لشعبه ووطنه من أتون فوضى شاملة بدأت نذرها تلوح وتؤجج لكنه وبمضي الوقت تتكشّف حقيقته, فالحال أننا إزاء انقلاب عسكري وقح وصلف لا يتساوق مُطلقا مع مهمة الانقاذ التي حملها على كاهله بتكليف من الشعب.
نعم فَبُعيد الإطاحة بالرئيس المنتخب ها هو الفريق السيسي يصير مشيراً . وبعد أن كان وزيراً ومحايداً ومنقذا بات اليوم هو الحاكم القوي والديكتاتور المستحكم بكامل سلطات الدولة ، بل وأكثر من ذلك سيكون المرشح الوحيد في أية انتخابات رئاسية ومنافسته ستكون هامشية وشكلية وفوق ذلك هو من يختار منافسيه ، أما فوزه فحتماً كاسحاً ومضمونا ومشروطا قبل عملية الاقتراع.
محمد علي محسن
انتصاراً للحق لا نُصرةً للإخوان !! 1728