يبدو أن حركة الحوثيين المسلحة أصبحت أمام مأزق حقيقي في التزاماتها بتسليم سلاحها الثقيل ونبذ العنف والتحول إلى حزب سياسي وهي بهذا تحاول خلط الأوراق و إرباك المشهد السياسي من خلال خلق وضع جديد يجعل الدولة أمام واقع متأزم يصعب معها سحب السلاح أو التعامل معه.
ولهذا تحاول هذه الجماعة بكل ما أوتيت من قوة شيطنة قبائل شمال الشمال من خلال استخدام العنف المسلح ضد مناطقها واستفزازها عبر هدم المنازل ودور العبادة ومدارس تحفيظ القرآن ..
وهو ما قد يدفع هذه القبائل إلى التمسك بسلاحها بل وامتلاك سلاح ثقيل لشعورها بالخطر خاصة في ظل صمت الدولة حيال همجية مسلحي الحوثي وسلاحها الثقيل الذي تتحرك فيه بكل حرية في تلك المناطق ...
عندها كما تعتقد قيادات هذه الجماعة سيصبح سحب السلاح الثقيل أكثر تعقيد وسيخلق ألف مبرر لدى جماعات الحوثي وسيمر الوقت وسط دوامة الصراع المفتعل, وفي ظل تحالفها مع بقايا المخلوع ستجد مضلة سياسية تناور باسمها كما فعلت في فترة الحوار الوطني ..
وهو كذلك ما لم يتدارك الرئيس خطورة هذا الأمر و يتخذ القرار الشجاع بسحب العتاد العسكري الثقيل الذي سيطرت عليه جماعة الحوثي وإلزامها بالعمل السلمي والسياسي ونبذ العنف و تشكيلها حزب سياسي تعبر من خلاله عن أفكارها ورؤاها, وقطع الطريق أمام أي قوى داخلية أو خارجية تحاول استخدام هذه المجاميع لبث نفوذها أو جعلها مطية للحيلولة دون حدوث التغيير وتطبيق مخرجات الحوار ..
قبائل شمال الشمال التي أثرت الثورة الشبابية إيجاباً في سلوكها وجعلتها تضع سلاحها جانباً نوعاً ما إلا أن هناك من يرد استثارتها وجرها إلى مربع الصراع انتقاماً من مشاركتها في ثورة فبراير و رحيل صالح لكن ظل الأمل يحدو رجال هذه القبائل في فرض هيبة الدولة والاحتكام إلى النظام والقانون فوهبت ولائها للرئيس هادي عكس جماعة الحوثي التي ناصبت هادي العداء وحالة دون انتخابه في معاقلها في محافظة صعدة ..
المتابع المنصف لوضع القبيلة ما بعد ثورة فبراير يجد تحول حقيقي في ثقافة القبيلة قد حدث فعلاً حتى أننا شاهدنا مؤخراً جموع تلك القبائل ترفع مظلة الأحزاب وتتحمس مع مشاريعها وفعالياتها السياسية كتكوينات مدنية بدلاً عن الولاءات المناطقية والقبلية وغدا مشروع التغيير والإصلاح وبناء الدولة المدنية حديث مجالسها ومنتدياتها ..
لكن حماقات الحوثيين في استخدام العنف كما هو العهر السياسي الذي مارسه أنصار المخلوع بالإضافة إلى غياب الدولة في حماية مناطقهم وصمتها أمام جرائم تلك المجاميع المسلحة قد يجعل تلك القبائل تفكر في مراجعة حساباتها في أمر ترك سلاحها والتفاعل مع بناء الدولة المدنية ما لم تحصل على ضمانات حقيقة من قبل الدولة وترى تحرك حقيقي على الأرض يوقف عنترية الجماعة المسلحة وخطوات عملية في سحب سلاحها الثقيل والمتوسط ..
القبائل وفي هذه الحالة من المرونة مثل ما هي عليه اليوم من وضع حرج، تبدو أكثر حاجة لوجود الدولة وبسط نفوذها من أي وقت مضى وأصبحت مناشداتها واضحة في هذا الأمر ..
وهو ما يلزم الرئيس من كون الكرة في مرماه في استغلال فرصة اللحظة وتمكين الدولة في تلك المناطق وقطع الطريق في وجه جماعات الحوثي المسلحة وجعلها أمام الأمر الواقع والحتمي في تنفيذ بنود مخرجات الحوار وتمكين الدولة من بسط نفوذها في صعدة كما هي في مناطق القبائل الأخرى ...
زكي السقلدي
الدولة وفرصة اللحظة تجاه جماعة الحوثي 1138