منذ إعلان ميلاد الجنس البشري (آدم عليه السلام ) من قبل الخالق سبحانه وتعالى, أدركت الملائكة طبيعة العلاقة الوثيقة بين الإفساد في الأرض وسفك الدماء وأن أبرز علامة للمفسد في الأرض _مهما تدثر بشعارات الصلاح والتقى _تتجلى في مدى استهانته بالدماء وكما قيل: من آثارهم تعرفونهم_ فإذا أضيف إلى ذلك الاستخفاف بمعالم الدين كالمساجد التي بنيت لذكر الله وللعبادة فقد استوفى الفساد شروطه وأركانه!!
فلا ظلم ولا فساد فوق ذلك (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) هذا من منع فكيف بمن هدم !!؟
والواقع أن للفساد صوراً متعددة بعضها قاصر على أصحابها _وهذا أهون _ والبعض الآخر ضرره متعد إلى الآخرين وهو أشد أنواعه وبخاصة ما تعلق منه بضروريات الناس الخمس الدين, النفس, العقل, النسل, المال.
ومن هنا تأتي خطورة الضلالة والبدعة في الدين, كونها تدفع أصحابها إلى العدوان والسطو كما شهد بذلك تاريخ بعض الفرق التي أسرفت في دماء المسلمين بجعلها من الضلالة سلماً لنيل مطالبها السياسية!
فالقتل, والتهجير, وهدم المساجد ودور العلم والقرآن, وترويع الناس وأخذ أموالهم كل ذلك يبرر بمبررات هي أوهى من بيوت العنكبوت! بعد أن يزين للبعض سوء عمله فيرى المنكر معروفاً والمعروف منكراً(أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً)..
والمشهد يتكرر في كل زمان عندما يغيب أو يتغيب الوعي وتسود الجهالة على حين غفلة من المصلحين وانشغالهم ببنيات الطريق وسفاسفها.
غير أن ما يدعو إلى السكينة في مثل هذه الأحوال هو أن الحماقة أحياناً قد تكون من جند الله يبصر بها من لاتزال على أعينهم غشاوة, هذا من جهة ومن جهة أخرى قضت سنة الله في خلقه أن ينتفش الباطل برهة من الزمن ثم تكون عاقبته إلى زوال (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)..
وصدق الله إذ يقول (إن الله لا يصلح عمل المفسدين).
د. محمد بن موسى العامري
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها؟ 1693