في خطوة غير مسبوقة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه عام 1981م قررت ثلاث دول في المجلس سحب سفرائهما من الدوحة وشكل بهذا الإعلان صورة واضحة للمستوى الذي وصلت إليه الأزمة السياسية بين دول المجلس حيث لا يوجد تناغم في السياسات الخارجية بين الدول في أغلب المواقف ويدلل هذا التناقض في الرؤية تهديداً لمستقبل مجلس التعاون الخليجي -المفكك أصلاً- والذي تتسم مسيرته بالبطء ولم تستطيع تحقيق الهدف الذي من أجله قام المجلس الخليجي.
من المعروف أن الربيع العربي كان نقطة الافتراق الكبرى حيث كانت السياسة القطرية واضحة في اتجاه دعم خيار الشعوب في رسم مستقبلها وتجلى هذا في خروج قطر من المبادرة الخليجية التي تتبناها مجلس التعاون لحل الأزمة اليمنية وشعرت قطر أن المبادرة تحولت إلى وأد للثورة وإنقاذ النظام, كذلك الحال في مصر التي هي العقدة الرئيسية في اتساع الخلاف بين قطر والسعودية والإمارات, في البداية قلق الإخوان المسلمين في مصر حيث تدعم قطر الإخوان ويشكلون عمق تحالفي قوي لقطر التي ترى فيهم قوة تناغم أطروحاتها مع السياسة الخارجية القطرية, الإمارات تقول أن تنظيم الإخوان يشكل تهديداً لنظام الحكم هناك أما السعودية فمعروف أن المشروع الإخواني الثوري الديمقراطي يشكل كابوساً للملكية السعودية.
السعودية تكثف جهدها لضرب الإخوان ودعمت الانقلاب العسكري بـ 4 مليار دولار وكانت من أول الدول ترحيباً بالانقلاب كذلك الإمارات, أما البحرين فتابع للسعودية وتقول أن قطر تستضيف معارضين للسلطة وأن قطر لديها علاقة مع إيران مع العلم أن قطر تدعم السنة في البحرين في البيان الذي أصدرته الدول الثلاث بررت سحب سفرائها أن قطر لم تلتزم بمبادئ مجلس التعاون وأنها دعمت الإعلام المعادي وتدخلت في شؤون دول أخرى ودعمت جماعات تهدد الأمن القومي الخليجي -في إشارة إلى الإخوان المسلمين- واستضافة قطر للداعية الشيخ/ القرضاوي الذي هاجم الإمارات مؤخراً.
من الواضح أن قطر دولة متحررة أكثر فاعلية ولها دور بارز وحضور فعال في أغلب المحافل الدولية ومنذ عام 1995م استطاعت قطر تحقيق نهضة على كافة الأصعدة أولها سياسة خارجية مستقلة وخرجت من عباءة السعودية وهذا أثار حفيظة الأخيرة.
السعودية والإمارات تتدخلان في الشأن الداخلي اليمني واللبناني والسوري والمصري بشكل سافر وفي اتجاه خاطئ يكرس الاستبداد ويقوض الديمقراطيات.
أما قطر فدعمها لأغلب الدول يأتي في سياق ديمقراطي وإن كانت قطر دولة غير ديمقراطية.
لذلك يمكننا القول أن السياسة القطرية تغيظ دول الإمارات والسعودية ليس لأنها كما يقولون تهدد أمن الخليج, ولكن للنجاح الباهر الذي استطاعت قطر تحقيقه بالرغم من الضعف في الجانب العسكري والسكاني والجغرافي إلا أنها اعتمدت على القوة الناعمة بشكل فعال.
محمد المياحي
النجاح القطري والحنَق السعودي الإماراتي 1387