ألاحظ تشكل مزاج عام واسع لدى الرأي العام في اليمن؛ فحواه وخلاصته؛ أن المسار السياسي الذي يحدد مصير اليمن والدستور والمحددات الأساسية لمستقبل اليمن واليمنيين أصبح محسوماً ولا يمكن التأثير فيه أو تعديله أو الضغط عليه من قبل الإرادة الشعبية والمكونات المجتمعية حتى وإن تشكل رأي عام واسع في هذا الاتجاه.
تحديداً يمكن القول إن سلسلة من الخطوات تم اتخاذها في المرحلة الانتقالية من قبل "النخبة السياسية والمدنية" بكافة أطيافها، التابعة للخارج، وتوجت بقرار مجلس الأمن؛ من أجل هذا الهدف: فصل صناعة القرار عن الرأي العام والشارع والقوى المجتمعية؛ واحتكاره في دائرة تحالف يضم القوى الخارجية "أميركا، بريطانيا، السعودية"، ومعها تابعوها؛ الرئيس عبد ربه وقيادات الاحزاب " المتوافقة في الحكومة"!!!
وهذا ما جعل الرئيس مطمئناً في قراره بعدم إجراء تغيير الحكومة أو إجراء تعديل واسع فيها، وساعدهم في هذا إرباك الشارع بحالة الاستقطاب التي يتبناها التيار الحوثي محاولاً تصدر الاحتجاجات الشعبية، وهذا بحد ذاته سبب رئيسي لإصابة الشارع بالشلل، حيث أن الأجندة الخاصة لهذا التيار تدفع قطاعاً عريضاً من الرأي العام للتردد والاحتفاظ بغضبهم على المسار الراهن لأنفسهم؛ بانتظار تخلق كتلة شعبية بقيادة تمثل إرادتهم وقضاياهم’ بعيدا عن الاستقطاب الحاد السائد الآن.
وفي ظل هذه المعطيات أقدم الرئيس على اتخاذ قرار بتشكيل لجنة إعداد الدستور بتركيبتها الباهتة والمحكومة بمحددات تفرغها من مضمون مهمتها وتجعل منها هيئة شكلية.
أي أن القرار الدولي يؤدي وظيفة حماية الأداء المريب للرئيس، وتعزيز مصادرة احتكار صناعة القرار، وقطع صلات السلطة الانتقالية بالرأي العام في أوساط المجتمع.
وطالما نجحوا في إفراغ مؤتمر الحوار الوطني من تأثيره ودوره كهيئة مكونة من ستمائة عضو، واحتكروا صناعة المخرجات وفق حاجاتهم وحاجة الخارج؛ فليس عليهم ببعيد أن يتمكنوا من تحويل مهمة لجنة صياغة الدستور الى برواز محلل لـ "الدستور الجاهز" المناط إعداده بالخبراء الفرنسيين!! وإسناد مهمة إعداد الدستور الذي سيمثل العقد الاجتماعي لليمنيين مع دولتهم، لخبراء أجانب..
مثل هكذا حال يغني بذاته عن أي شرح وعن أي نقد، وكفى به شارحاً وفاضحاً وفاجعاً وكاشفا لعمق القاع الذي هبطت إليه اليمن وشعبها.
وكأنهم يقولون لليمنيين: قولوا ما تريدون، وانتقدوا كيفما يحلو لكم؛ ونحن سنفعل ما نريد، وسنمضي بكم أو بدونكم لتطبيق ما نتفق عليه مع "رعاتنا " في الخارج!
مصطفى راجح
لا مجال للتأثير الشعبي في المسار المُشَفَّرّ 1395