فيما يتعلق بالديمقراطية؛ هناك إضاءات لابد أن تتضح.
(1) لا خلاف بين أهل الإسلام قاطبة أن الإسلام يعني الاستسلام لله وحده وأن التشريع مرده إلى الله ( إنْ الحكم إلا لله) وأنه لا يحق لأحد مهما كان أن يرد حكم الله تعالى. وأن أي نظام ديمقراطي أو غيره يحلل الحرام أو يحرم الحلال, فإنه مرفوض وباطل.
(2)هناك مضامين في الديمقراطية لا تتعارض من حيث الجملة مع الإسلام, ومنها:
أ ـ حق الناس في اختيار من يحكمهم.
ب ـ حق الناس في اختيار من ينوبهم.
ج ـ حق الناس في مراقبة الحكام ومحاسبتهم.
د ـ الفصل بين السلطات.
هـ- التداول السلمي للسلطة.
و ـ حرية التعبير والصحافة والعمل الجماعي والحزبي وفق ضوابط الإسلام.
فمن ذم الديمقراطية من العقلاء فقد لاحظ الجانب الأول ومن تعامل معها كواقع موجود فقد لاحظ المعنى الثاني فلا حاجة للجدل وكثرة المراء إذن!!
(3) كثير من الأحكام التي عطلت في بلاد المسلمين أو التشريعات التي تناقض أحكام الدين لم تأتِ بسبب الديمقراطية وإنما بسبب الديكتاتورية, فلو وجدنا بلداً إسلامياً تُباح فيه الخمور أو الزنا أو شرب الخمر بالقوانين مثلاً؛ السؤال: هل تم استفتاء الشعب على ذلك ديمقراطياً ووافق, أم أنها فرضت عليه بالاستبداد وبضغط أجنبي وهو فيها مغلوب على أمره, فمن المتسبب هنا الديمقراطية؟, أم الدكتاتورية التسلطية؟!.
(4)ولنفترض جدلاً أن الشعب في بلاد الإسلام اختار قوانين وتشريعات تخالف الإسلام- وهو أمر مستبعد في استفتاء نزيه, فأين الخلل؟, هل هو في الديمقراطية كآلية, أم في الشعب الذي بينت لنا حقيقته الديمقراطية وأوضحت لنا أنه بعيد عن الدين وأن العيب فيه وإنما الديمقراطية بينت لنا حقيقته؟, فلنتجه إلى تربيته وتوعيته لأن الديمقراطية هنا إنما أبانت عن مرضه!.
(5)لو افترضنا أن الشعب في الديمقراطية رفض أن يختار حزباً أو مرشحاً إسلامياً؛ إما لضعف برامجهم أو لسوء إدارتهم أو لأي خلل فيهم, فلا يعني بحال أن الشعب قد رفض الإسلام.. نعم أن الشعب معني باختيار الأفضل له ديناً ودنياً, لكن هذا شيء والحكم بأنه رفض الإسلام شيء آخر.
ألا ترى أنك قد ترفض العنف ولكنك لا ترفض الجهاد في سبيل الله على الوجه المشروع وقد ترفض سلوك كثير من السلفيين لكنك لا ترفض منهج السلف من الصحابة ومن بعدهم وكثير من الجماعات والأحزاب الإسلامية لا يقبل بعضهم ببعض وليس من حق أحد أن يدعي أنه الوكيل الحصري المتجسدة فيه تعاليم الإسلام وإن فعل فهو إلى الرافضة الإمامية أقرب؛ الذين يعتقدون العصمة لأئمتهم.
* رئيس اتحاد الرشاد
د. محمد بن موسى العامري
إضاءات في السياسة الشرعية 1614