الهجوم على السجن المركزي هو النسخة الثانية من الهجوم على وزارة الدفاع, لا شيء يدعو للاستغراب, عندما تسجل مذبحة مستشفى العرضي ضد مجهول ويتستر رأس النظام على الإرهابيين.
ما يثير الاستغراب عادةً هو ردة الفعل المجتمعي والسياسي..
سيقول السفهاء من الناس: "المخلوع علي صالح وراء الهجوم الإرهابي على السجن المركزي بصنعاء رداً على الاحتفال بالثورة الشبابية!.
وسيقول سفهاء الضفة الأخرى: الجنرال علي محسن والإخوان يريدون إطلاق سراح معتقلي جريمة تفجير جامع الرئاسة!.
وسيقول مستشار الرئيس هادي للشئون الاستراتيجية: "إن القوى المعيقة للتسوية السياسية وراء الجريمة لإفشال المبادرة الخليجية".
سيقول المعاقون ذهنياً وفكرياً: هذه قاعدة المخلوع والإخوان والزنداني وسيدي حسن.
سيقول الحوثيون بنبرة صوت واثقة: لا. المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وراء الهجوم من أجل فرار الإرهابيين، حتى تواصل شن غارات الطائرات من دون طيار!.
سيقول صيادو الفرص السياسية وتجار الدم اليمني: هذه الجريمة مبرر إضافي لإسقاط الحكومة الفاشلة وخروج المظاهرات؛ استثمار علني, تحويل الأزمات إلى فرص ومكاسب سياسية فورية.
سيقول شقاة نظرية المؤامرة: هذه جريمة من أجل تصفية المعتقلين الجنوبين وشباب الثورة!.
فيما سيقول الإعلام الحكومي ومطبلو الرئيس هادي حالياً ومطبلو صالح سابقاً, زائد مخلفات الأحزاب, زائد انتهازيي الساحات الثورية: الهجوم الإرهابي مخطط إجرامي يهدف إلى إفشال وثيقة الأقاليم ولتعكير أفراح اليمنيين بـ"نجاح" مؤتمر الحوار!.
كلهم يحمِّون الفاعل الحقيقي ولا يوجهون إليه الاتهام. وحديثهم يمثل حماية للرئيس والحكومة وقادة الأجهزة الأمنية ويجنبهم المساءلة عن التقصير أو التواطؤ.
انحطاط ما بعده انحطاط.
وأؤكد لكم أنكم ستقرأون كل هذه الترهات في المواقع والصحف اليمنية وهي طروحات تحمي الفاعل الحقيقي أياً كان.
الإعلام اليمني بكل "شقادفه" جلّ ما سيقوله لليمنيين هو أرقام:
مقتل 5 جنود.
استشهاد عشرة.
عشرين.
سبعة عشر.
دخلوا من هذا الباب.
استخدام قذائف وصواريخ لو.
و"خبابير" مشابهة مع حذلقات رديئة.
وترد رسالة sms من وكالة سبأ "قوات الأمن الباسلة تنجح في دحر الإرهابيين" والرئيس هادي يبعث برقيات تعازي.
هكذا.. ككل الجرائم الإرهابية.
الضحايا يتحولون إلى أرقام دون أن يرووا للناس قصصهم، أسماءهم، دون أن يقولوا لهم كيف أن الجندي الفلاني كان يعيش في منزل بالإيجار وأن الجندي الشهيد فلان كان ينتظر مولوداً بعد أيام.
كم كان في جيب هذا الجندي؟
ما آخر وجبة غذائية تناولها قبل استشهادهم؟
إنهم غير معنيين بكل ذلك, فقط مشغولون بالتحليلات وصحافة العوبلي والتنجيم والتوظيف السياسي للجرائم لصالح طرف ما، ولإدانة آخر.
شخصياً؛ لا شيء يدعو الاستغراب. عندما تسجل مذبحة مستشفى العرضي ضد مجهول ويتستر رأس النظام على الإرهابيين.
عندما لا يعاقب المجرمين على اختلافهم: سواء خاطفي الأجانب، إلى مفجري أنابيب النفط وخطوط الكهرباء، إلى اغتيالات الضباط، إلى قتلة حسن أمان وخالد والخطيب.
عندما يقتل الجنود بشكل يومي ولا يظهر وزير الدفاع أو رئيس الوزراء أو الرئيس الغيبوبة ليلقي خطاباً تأبينياً على الجنود وكأنهم راضون ويشجعون على قتلهم وغير آسفين بهم.
عندما يحكم القضاء اليمني على المتهمين بجريمة السبعين التي استشهد فيها 100 ضابط وجندي بأحكام مخففة تتراوح بين براءة وسجن أربع سنوات، بينما تصدر أحكام عسكرية على متمردي الحرس الجمهوري بالحبس لتسع وعشر سنوات.
قولوا معي لهم جميعاً: اذهبوا إلى الجحيم..
محمد عبده العبسي
نسخة ثانية من الهجوم على الدفاع 1125