عندما تسأل عن عدد منظمات المجتمع أو الجمعيات الخيرية والتطوعية تجد أن العدد كبير جداً, يجعلك تشعر بالارتياح والتفاؤل في دولة هي بأمس الحاجة إلى التوعية والتحفيز والتنمية, في دولة عدد الفقراء فيها يصل إلى نسبة مخيفة، لكن السؤال الفضولي الذي دائماً يطرح نفسه ماذا عن الكيف؟ وماذا عن المخرجات لهذه الأعداد المتنامية؟.
بادئ ذي بدء اعتقد أننا لابد أن نتساءل حول الوضع التنظيمي لهذه المنظمات والمؤسسات التي تفرخها تارة الحاجة، وتارة الموضة، وتارة أخرى أغراض الشخصية، وقلما تجد منظمات ولدت من رحم احتياجات المجتمع وآلامه والآمال.
لذا عندما نتطلع إلى المخرجات ستكون هذه المخرجات ولابد نتاج الفكرة التي قامت من أجلها تلك المنظمة، أضف إلى ذلك أن الأغلب والأعم من تلك المنظمات لا تكاد تجد إلى التنظيم طريق.
فالقليل والقليل منها بدأ أعماله وفق رؤى واضحة ووفق دراسة منهجية، لذا فليس من العجيب أن تجد الكم متسارع والكيف متقهقر, ولربما كان من أبرز الأسباب التي جعلت الكم يتفوق على الكيف ما يلي:-
- عدم وجود سبب جاد ودافع كبير للتأسيس؛ فهناك من أسس المنظمة ليقال أنه يدير مؤسسة ويستثمر تلك الرخصة لمآرب أخرى وغيرها بل تم التأسيس لأسباب شخصية ليس للمجتمع علاقة بها البتة.
- غياب التخطيط الاستراتيجي والآني لكثير من المنظمات وعدم الالتفات إلى إعداد الأنظمة وكتابة خطط بعيدة المدى وفق حاجة الفئة المستهدفة من المجتمع مع مراعاة التغير المتسارع في البيئة المحيطة.
- ضعف الإدارة التسويقية وضعف دور العلاقات العامة وخلق شراكات استراتيجية فعالة.
- الاعتماد على دعم المنظمات الدولية وقبول الدعم السخي الذي يجعلنا نتساءل عن أسبابه بينما نرى عجلة التنمية الحقيقة والاحتياجات الأساسية للمجتمع لا ينالها هذا السخاء.. ويكون الحصول على الدعم في عدد من المنظمات هو السبب الحقيقي للتأسيس.
- ضعف الكوادر الإدارية فيلجأ البعض إلى توظيف من ليس له مهارة ولا خبرة ولا معرفة تحت شعار (أنا أريده مثل العجينة أشكلها على كيفي) وهو نفسه لم يجد تشكيلته الخاصة.
- عدم وجود التخصص وتحديد فئة مستهدفة محددة لحل مشكلة أو إشباع حاجة لفئة من فئات المجتمع فلا بد أن يتساءل المؤسس قبل الشروع في إجراءات التأسيس ماهي المشكلة التي ستكون هذه المؤسسة جزء من الحل فيها؟ فهذا يستهدف المجتمع في المجال التربوي وهذا في الجوانب الأسرية وهذا في الجوانب التنموية و هكذا.
- عدم استثمار الإعلام الجديد والتسويق الرقمي, فاليوم شبكات التواصل الاجتماعي فرصة عظيمة للوصول إلى عدد كبير من الناس والتأثير فيهم وتحقيق أهداف المنظمة المشروعة بهم و من خلالهم.
- ضعف بناء الهوية المؤسسية وربطها بالأهداف.
- فقر إبداعي كبير في ابتكار الأفكار وطرق تنفيذها.
- ضعف ثقافة الإنجاز وحب ترك بصمات إيجابية في المجتمع.
- تغليب مصلحة و أهداف المؤسس الشخصية على مصلحة وأهداف المنظمة.
- قلة الالتفات إلى مبدئ الجودة والانشغال بمبدئ الكثرة فهناك من يقيم العديد من الفعاليات المتفرقة والمتكررة لكنها في أغلبها تفتقر إلى الجودة والتركيز.
وفي الأخير دعونا نكتب و نقول ونكرر المنظمة لابد أن تكون منظمة تستقي وجودها من احتياجات المجتمع وتراعي مصالحه وثقافته وهويته.. لنطلق اليوم دعوة باسم الوطن تتبلور في بند واحد هو تغليب مصلحة اليمن والعمل وفق رؤى تضمن التغيير الإيجابي وتدفع بعجلة التنمية الحقيقة إلى الأمام.
د.ناصر الأسد
منظمة وليست منظمة! 976