يدور لغط كبير أوساط النخب في الدول العربية التي تمر في مرحلة انتقالية تؤسس فيها لصنع دولة جديدة دولة الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان دولة مدنية ينضم فيها المواطن حقوقه ويلتزم بما عليه من واجبات.
لكن ما أريد أن أوضحه هنا وأزيل بعض المعاني المغلوطة التي يضلل بها الشباب التواق إلى بلد يفهم فيه لكنه يسقط في فخاخ منصوبة له من قبل النخب التي تجمل في جعبتها أجندة تناقض طهر وبراءة أحلام الشباب الذي يملك طاقة وحيوية كبيرة مقابل بصيرة وخبرة قليلة.
في إحدى حواراتي مع زميل لي حول الوضع الحالي والآمال التي يرجو تحقيقها الحظ مفردات ومصطلحات يستخدمها هي دخيلة على مجتمع محافظ وملتزم مثل اليمن هذا الشاب الطيب البريء يقول يريد دولة علمانية ـ وفصل الدين عن الدولة طبعاً هذا مصطلح تنافح عليه القوى الليبرالية والعلمانية ويتلقفه الشباب اليمني دون فهم للمعاني الخفية التي يحملها هذا المصطلح وكذلك النخب العلمانية.
المفكر الغربي المتزن "محمد عابد الجابري" عن علاقة الدين بالدولة يقول: إذا طرحت فكرة فصل الدين عن الدولة بالمعنى الأوروبي الذي يفيد المطالبة بعزل الدين عن التحكم والسيطرة فإن هذا المفكر الغربي يدرك التاريخ الإسلامي ويقول أن إسقاط النظرية العربية في البلدان الإسلامية يعني في نظر التاريخ اعتداء سافر ومرفوض على الإسلام.
وأنا هنا أقول إذا كان هذا الرجل يفهم أبجديات الإسلام ونحن لنغرد كببغاء نردد ما يقول لنا الآخرون بغض النظر عن صحة ما يقول أو ما يهدف إليه.
إذاً هذه الثنائية (دين, دولة) لا وجود لها في مرجعيتنا التاريخية لم يوجد في التاريخ الإسلامي بمجمله دين متميز ـ أو يقبل التمييز والفصل عن الدولة كما لم يكن هناك قط دولة تقبل أن يفصل الدين عنها. إذاً فعبارة فصل الدين عن الدولة ستعني بالضرورة أحد أمرين إما إنشاء دولة ملحدة وغير إسلامية وإما حرمان الإسلام من السلطة التي يجب أن تتولى تنفيذ الأحكام من هذه الفتنة وددت أو أوصل فكرة إلى كل الشباب أن لا يسقطوا في الأحافير التي يحيكها من باع دينه بعرض من الدنيا قليل ويسعى إلى إغواء الشباب تحت شعارات براقة ومزيفة وخادعة في الوقت ذاته ومن هذا المنطلق يجب على الشباب الوقوف ضد الأفكار المنحرفة التي تروج هذه الأيام ويلبسونها حلل تخفي القبح والدناءة التي تظهر جلياً عند رواد الانسلاخ عن قيم الإسلام والدين والشريعة التي وحدها قادرة على الارتقاء بالمجتمع وضع مستقبل زاهياً زاخراً بكل معاني المدنية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان وكل مبادئ الإنسانية التي يتشدقون بها ويزعمون أن الإسلام غير قادر على تحقيقها لكننا نقول كفى استغفالاً فشباب اليوم أكثر نضجاً ووعياً وأكبر من أن تضللونه.
محمد المياحي
العبث العلماني..والوعي الشبابي 1477