;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الحوار ومقرراته..!! 1481

2014-02-01 12:34:40


مؤتمر الحوار أياً كانت مخرجاته يبقى في المحصلة محاولة متأخرة لتصويب وتصحيح خطأ جسيم وقع قبل سنة 90م وزادت الأزمة والحرب أن فاقمت من هذا الخطأ السياسي المتمثل بتوحيد دولتين متضادتين نظامياً وفكرياً واقتصادياً ومنهجياً ومجتمعياً وفي كيان دولة واحدة هشة وضعيفة وفوق ذلك فاقدة للإرادة السياسية.

البعض يتساءل: كيف محاولة متأخرة؟ وكيف أننا صرنا نتحدث عن مجتمعين متناقضين ثقافيا وسياسيا وواقعيا فيما هذا التوحد تم لشعب واحد وليس لشعوب مختلفة لغة ودينا وتاريخا؟ نعم هي محاولة تأخرت كثيراً عن موعدها ولولا ثورة الشباب وانتفاضة الجنوب لربما تأجلت وقتاًً ولما رأينا حلولاً ومعالجات بهذا المستوى الذي أقرته وثيقة مؤتمر الحوار.

ومن ناحية فإن نتائج مؤتمر الحوار هي في الأساس معالجة لوضعية كان من المفترض معالجتها قبل توحيد العباد وتحديداً في دستور واتفاقيات الوحدة التي للأسف أغفلت مضامينها طبيعة الفروقات الاقتصادية والثقافية والمجتمعية والتي كونتها حقبة تاريخية طويلة من التجزئة ومن الأنظمة السياسية المتعاقبة داخل كل شطر وداخل كل سلطنة ودويلة أبان عهد الاستعمار وما خلفته قرابة قرني ونصف من التجزئة الجغرافية والمجتمعية.

قلنا مراراً بأن الخطأ السياسي لن يؤدي لسوى الفشل، فمثلما قيل بأن المقدمات الخاطئة حتما مؤداها نتائج خاطئة؛ كذلك الأمر ينطبق على توحد ارتجالي عاطفي اندماجي تم إقامته على عجالة وعلى قاعدة تاريخية مثالية وجدانية لا على أساس مصلحة مجتمعية واقعية منطقية عصرية.

مللنا من تكرار هذه الفروقات، ومن ثنائية مواطن يتملك كل شيء ومواطن لا يتملك حتى مسكنه، مواطن معتمد كليا على دولته وظيفة واقتصادا وتجارة وطبابة ودراسة وعقارا ومأوى, وبالمقابل مواطن دولته معتمدة عليه شبه كلي اقتصادا وتجارة وضريبة وجباية وعقارا ومسكنا ووالخ، مواطن لا يستطيع العيش خارج سياق الدولة ونظامها, يقابله مواطن جبل العيش خارج الدولة ونظامها كما ولا يبدو أنه بات مستعدا للتكيف مع وضعه الجديد في كنف الدولة ونظامها.

الرئيس صالح وفريقه للتاريخ كان منطقهم أكثر موضوعية، وقتها مثلت الفدرلة خياراً شمالياً كما وعُدَّت الدولة الاتحادية المتدرجة رؤية جنوبية صاغتها ثلاثة اجتماعات لأعلى هيئة في الدولة والحزب "المكتب السياسي" وعلى مدى ثلاثة أيام 18-19-20نوفمبر 1989م .

 لست الآن في مقام المتحامل على البيض أو سواه ممن أرادوها وحدة اندماجية فورية أثبتت التجربة قفزها وتجاوزها للكثير من الفروقات الاقتصادية والمجتمعية والبنيوية التي تشكلت في كل دولة؛ لكنني هنا أورد المسألة باعتبارها مشكلة قد وقعت وينبغي الاستفادة من دروسها اليوم كي لا نقع ثانية وثالثة.

أما كتابة التاريخ فاتركه للمؤرخين والباحثين والدارسين الذين يمكنهم إثبات وتفسير ما إذا قرار التوحد كان بالفعل انفراديا وارتجاليا وعاطفيا وفي نفق "جولدمور" أم أن قراراً بهذا الحجم يستحيل إقراره من شخص دونما موافقة قيادة الحزب والدولة ودون حصول الرجل الأول على الضوء الأخضر شعبياً وقيادياً وفكرياً وذهنياً وإعلاميا وحياتياً؟.

ختاما يجب التأكيد على أن الحوار ومخرجاته ليست إلا محاولة لتصحيح مسار سياسي كان مفترضا ألا تكون انطلاقته خاطئة مثلما سبق ورأينا عجلة هذه الدولة وهي خارج سياقها الموضوعي والذاتي.

نعم البعض ينظر للفدرلة بعين الشك والريب باعتبارها فاتحة لتجزئة جديدة، وهنالك من يتوجس خشية من فدرلة بكونها عودة لوحدة قائمة، في كلا الحالتين الفدرلة ليست ترفا أو بدعة ضالة اخترعها بن عمر مثلما يتم تسويقه لبسطاء الخلق.

 الفدرلة خيار سياسي وحتمي لمعالجة أزمة متفاقمة ناتجة عن خلل بنيوي كبير وعميق في كيان هذا التوحد السياسي، خطأ فني قد يكون سببه تصميم البناء الهندسي الذي تم رسمه على عجالة، وقد يكون هذا الخلل في طبيعة المساحة المقام عليها أو في مداميك وأسس البنيان الذي لم يضع مصمموه اعتبارا بكونه مصمما لمختلف الشرائح المجتمعية لا لنخبة حزبية أو سياسية أو قيادية بعينها.

وفضلاً عن هذه الأشياء كانت السنوات التالية للتوحد قد أثبتت بفشل وعجز الإدارة المركزية لأن تبقى البلد موحداً وبذات الإدارة العتيقة، وبنفس العقلية القاتلة لروح الكفاءة والنزاهة والابتكار والحيوية, النتيجة بالطبع تفكك وتصدع لكيان سياسي أوشكت قواعده وجدرانه على السقوط فوق رؤوس الجميع.

إننا الآن إزاء استحقاقات سياسية تمثل ضرورة وحتمية لكينونة واستمرار، وحين نقول بأنها باتت ضرورة فذاك رغبة في إقامة الدولة الجديدة القائمة على شرطية الشراكة العادلة غير منتقصة، كما ورغبة في التعايش والوئام والاستقرار والتنمية الحقة، فهذه مجتمعة محور أساس لتوحد مستقبلي, فمخرجات الحوار أعدها نتاج عملية سياسية توافقية تأخرت عن موعدها ردحا طويلا.

عملية كان مقدر لها الوقوف على خراب الأزمنة الغابرة وعلى تحديات المراحل الحاضرة والقابلة، ومع أن هذه المخرجات لا تعالج فقط إخفاق الماضي البعيد والقريب؛ فإن المهم يكمن بتطبيق أفكارها الجيدة المؤصلة للدولة الاتحادية المغايرة تماما للدولتين الشطريتين وللفكرتين السائدتين من اللا وحدة و اللا تجزئة .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد