اليوم هو اليوم الــ 25 من يناير.. هو اليوم الاحتفالي بإنجاز وثيقة الحوار الوطني.. هو يوم للفرح والفخر, لأن هذا المنجز لم تصنعه جهة ولا حزب ولا شخص, لقد صنعه اليمن كله بأُناسه وهوائه وشجره وحجره وطيوره ونوارسه..
إنها وثيقة بلا حرب ولا غلبة, وثيقة تضع الخطوط العريضة لحكم رشيد يتساوى فيها أبناء اليمن بالحقوق والواجبات ويقف الصغير والكبير سواسية أمام القانون.. إنها الوثيقة؛ الحلم الكبير الذي ننتظره.. نعم لقد أُنجزت هذه الوثيقة بين الألغام والأشواك والتخريب والتفجيرات والدماء والأشلاء والمؤامرات- الداخلية والخارجية- والإرباكات غير المسبوقة في كل زاوية ومع هذا أعان الله وأُنجزت أهم وثيقة في تاريخ اليمن..
وهنا علينا أن نحيي شباب ثورة فبراير الذين أشعلوا الثورة بدمائهم وجسارتهم لدك حصون التفرد ولولا هذه الثورة لما كانت وثيقة وما كان حلم نراه اليوم يسير بثبات, فشكراً لكل شاب وشابة ورجل وامرأة نزلوا إلى الشارع يحملون حلمهم وروحهم في أكفهم.. ومع شباب الثورة علينا أن نشكر الأحزاب اليمنية ورغم كل النقد الموجه إليها إلا أن الإنصاف يقتضي أن نقول إن الأحزاب اليمنية- أحزاب المشترك تحديداً- قد مثلت رافعاً سياسياً للثورة بصورة ناضجة ومشهودة لها وبخبرة وعقل ومثابرة, بل هي من بدأت تصنع الفعل الثوري وتربي عوده منذ اتفاقها على المشترك الوطني ونزولها للشارع وخوضها أول انتخابات رئاسية. وخرجت عن المسرحية الهزلية للزعيم الفرد. وهنا واجبنا أن نقف لنترحم على روح الشخصية الوطنية, الأب الروحي للثورة اليمنية, فيصل بن شملان والقائد الوطني جار الله عمر الذي دفع روحه ثمناً لمنجز المشترك وثقافته التي غيرت المعادلة؛ هذا المنجز الذي لا يدركه بعض شباب اليوم ولا يقدروه كما ينبغي..
شكراً للمؤتمر الشعبي العام- الحزب الذي يحاول الخروج من عباءة الفرد- ولولا بعض قيادات المؤتمر التي عملت بحكمة على التخلص من عقدة (الملك الذاهب) لما تمت هذه الوثيقة, ولكانت العراقيل أشد.. شكراً خاصاً للحراك الجنوبي السلمي الذي وقَّع الوثيقة وأنجز شيئاً مهماً للقضية الجنوبية ولليمن والوحدة وابتعد عن المزايدات وقاوم كل الضغوطات والإغراءات..
شكراً لكل الشخصيات الوطنية التي ثابرت لإنجاح الحوار.. شكراً لرئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي الذي التقط اللحظة التاريخية ووقف في صف الشعب الذي أعطاه ثقته ووقف مواقف كبيرة بحجم اليمن في وجه العابثين مع رفاقه من القيادات اليمنية العاملة بصمت.. شكراً لرئيس الحكومة الثائر محمد سالم باسندوة و لحكومته التوافقية التي قاومت كل الأعاصير وكل التخريب الممنهج ونجحت في مهمة تسيير الأعمال في أحرج فترة انتقالية.. شكراً للمغربي جمال بن عمر الذي تصرف بمهنية ومسؤولية وحرص, جعلنا نشعر بالجسم العربي الواحد ووشائج القربى وبعظمة التجرد من اجل الشعوب.. شكراً للخارج والداخل.. شكراً لكل من ساهم في دعم الشعب اليمني العظيم- مادياً ومعنوياً..
وكنت أود في هذا اليوم أن أرفع راية التسامح وأشكر علي عبد الله صالح بمناسبة سنتين على توقيعه على التنازل عن العرش الذي اغتصبه, رغم استمراره بـ"المطابزة" وقيادة الثورة المضادة بأموال الشعب وهو "يهدر" كل يوم, فرصة الحصانة بيده, لأن الله لا يصلح عمل المفسدين..
يبقى أن نقول إن هذا الانجاز ليس نهاية المطاف وإنما بدايته الحقيقية ويحتاج إلى التشمير العام والتلاحم, فنحن نصنع مستقبلاً جديداً في المنطقة ستضع أمامه كل العقبات وسيعمل الجبناء لإفراغ المنجز من محتواه إنْ استطاعوا وما التقدم لدى الشعوب وقوتها واستقرارها إلا وثيقة شرف تحترم وتنفذ لحماية المصلحة العامة التي هي أنا وأنت اليمن بحاضره ومستقبله..
سيكون الله معنا عندما نكون مع أنفسنا..علينا أن نعلم بأن الحضارة هي قيم تُحمى من الجميع قبل أن تكون تفاصيلاً مادية.
أحمد عثمان
يوم الثورة الأعظم وبداية الانجاز 1545