مازال في الأمر متسع لإعادة أبناء دماج إلى بيوتهم، هم ربما طلبوا إلى رئيس الجمهورية الخروج كنوع من الهروب من الضرر والأذية وبفعل المدافع والحصار وليس حباً في ترك بيوتهم، هم كذا وإلا كذا مهجرون ومشردون، وإذا كان الجميع يدرك خطورة الجريمة فمازال في الإمكان تلافيها وعمل حل آخر ليس فيه تهجير الناس .
القضية مجمع عليها تقريباً الجميع على اختلاف ألوانهم مستاؤون من مشهد خروج أبناء دماج بنسائهم وأطفالهم وعفشهم، حتى الحوثيون ينكرون أنه تهجير، لكنهم ينسون أنهم هجموا بالمدافع والدبابات والحصار أكثر من ثلاثة أشهر حتى أصبحوا بين خيارين: الموت أو التهجير، ثم تأتي لتقول أنت حر اذهب وإلاّ ابقِ.. هذه مغالطة لا تمر على أحد وأضرارها ستكون وخيمة يجب تلافيها سريعاً والكرة الآن في ملعب الحوثيين، هذه لعنة على الجميع .
في رسالة من عبد الملك الحوثي إلى رئيس الجمهورية يلتزم فيها عن كافة أنصار الله بعدم الاعتداء على الشيخ الحجوري وأتباعه أثناء خروجهم خروجاً آمناً ووفق الآلية المتفق عليها مع اللجنة.
كنت أتمنى لو كانت الرسالة مناقشة, إنهاء فضيحة التهجير وإيقاف هذه اللعنة وتأمينهم في ديارهم طالما وأنت صاحب السلطة في المحافظة أما الرسالة أعلاه التي تداولتها بعض وسائل الإعلام فليست أكثر من استعجاله للخروج وتأكيد الشغف بتصفية عباد الله وظلمهم والاستفراد، وهي مليئة بالعجرفة، والله إنها فضيحة وكارثة وظلم يهتز له عرش الرحمن مع أن الرسالة أيضاً تحمل وجود نوع من الحرج أمام قضية انتقدها الجميع وأساءت للحوثي إساءة من الصعب محوها، كما هي إساءة لليمن عموماً وضربة قاتلة للتعايش الذي يعد شرط الوطن والمواطنة، حتى الكلمة التي ألقاها الحوثي في مهرجانه بصنعاء عن التعايش والشراكة الوطنية لا معنى لها أمام مشهد وواقع التهجير، ثم إن هناك قضية في غاية الأهمية وهي هل سيحل هذا الاتفاق مشكلة الخروج على الدولة وتبسط الدولة سلطتها على دماج ومنطقة صعدة ؟ هل سيسحب السلاح الثقيل من الحوثي كما سُحب من السلفيين؟ على الأقل لنكسب دولة مدنية يستظل فيها كل الشعب ويدخل الجميع تحت قانون واحد لكي تتحول الأحاديث عن الدولة المدنية والشراكة إلى قيم وثقافة تؤمن مستقبل اليمنيين وتجعل الجميع إخوة تحت ظل القانون وفي غياب المليشيات العسكرية التي يعد وجودها تخريباً لليمن.
اليمن بيت الكل وهي تَسع الجميع وستكون هذه البلاد سعيدة بدون سلاح وبدون مليشيات وبدولة تبسط نفوذها على الجميع ولصالح الجميع وتحكم بقوة القانون لا بقانون القوة.
أحمد عثمان
عن التعايش والدولة والمليشيات 1551