يتفق معي الكثيرون على أن الثورة الأساسية لدى الأمم المتحدة هي ثورة كامنة وغير ملموسة, وتلك الثروة تكمن في الثقافات السائدة والعلوم والمهارات وعادات الناس والنزاهة وكل قيم العدالة والمبادئ الإنسانية وكذلك القدرة على جذب الاستثمارات الخارجية عن طريق توفير بيئة خصبة مواتية ومشجعة على العمل والإنتاج..
ولا أريد الخوض في هذه المسألة الآن، لكن الذي أود أن أؤكد عليه هنا هو أن هناك دائماً في حياتنا- الشعوب العربية- طاقة غير محررة ووقتاً غير مستثمر وموهبة غير مكتشفة كما أن هناك سوء إدارة للذات وارتباك في سيطرة الإنسان على حياته وتوجيهها توجيهاً صحيحاً مثمراً تساهم في رفد الوطن والعمل على تهيئة الأجواء لتنمية مستدامة ينشدها الشعب اليمني بأكمله.
في هذه الحالة التي لا يستطيع الأفراد فيها حشد الطاقات وتجميع الجهود نحو تحقيق الأهداف على النحو المطلوب وهذا يؤشر على شيئين مهمين: 1- عدم قدرة الفرد منا على التركيز على الوسائل والآليات التي يستطيع من خلالها تحقيق الهدف الذي ناضل من أجل تحقيقه وهو إنتاج المناخ الفقير في بلدنا اليمني- من الأطر والورش التي تعمل على تحرير موهبة الإنسان وصقلها فالإنسان لا يستطيع أن يحرر مواهبه دون وسائل خارجية تدعمه وتشجعه على إطلاق القوى الداخلية التي يتمتع بها لذلك تجد الشاب اليمني قاعداَ يائساً إتكالياً سلبياً وفي الوقت ذاته مستعداً للعمل لكنه ينتظر من يمسك يده ويبصره بيديه الطريق التي يجب عليه أن يسلكها الشاب اليمني ينتظر من يفتح له ورش عمل وأنشطة يشارك فيها لتتفتح قرائحه ومواهبة ويستطيع أن يرمم جراح الوطن النازف والمحتاج من يغمده برباط الحركة والعمل.
أيها الأخوة: اليأس والإحباط والتشاؤم صفات تتواجد في قطاع عريض من الشباب وترسل لهم فيضاً من الرسائل التي تزرع في أعماقهم الإعراض عن المحاولة والبحث والتجريب وذلك باختصار؛ لأنها تعمل على تحطيم أرواح الشباب وتسلمهم للواقع الذي يعمل بشكل دائم على عرقلة مسيرة البناء الذي هتف من أجله شباب الثورة وكان الإيقاع الذي يعزفون عليه أنغام الغد المشرق الذي يأملونه.
أيها الشباب: نحن بحاجة إلى مفاهيم جديدة في فلسفة الثورة حتى نكون أكثر قدرة على مواجهة الصعاب والعقبات التي تعترض سيرة حياتنا وطريق ثورتنا وبحاجة إلى التخلص من المفاهيم التي تكبلنا وتقيد عقولنا وأفكارنا وتلقي بنا في دائرة الشكوى والتذمر والسخط ومن هنا يكون العقود والانتظار بدلاً من العمل والحركة والبحث والنشاط وتوفير المناخ الملائم للاستثمار والتنمية من خلال زرع قيم البناء والصدق والإخلاص والتضحية والاستقرار الذي يمثل الركيزة الأساسية للرقي والتقدم وبدون هذا كله نكون قدمنا وفرطنا في أرواح الشهداء التي بذلت من أجل يمن زاهر متقدم ينعم أبناؤه بالكرامة والحرية والعيش بسلام.
محمد المياحي
إلى شباب الثورة..نحو الأحسن 1444