في مثل هذا اليوم ولد أعظم مخلوق في الكون لينير الله به العالمين, إنه المصطفى- صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله ربه رحمة للعالمين, لا لبني هاشم فقط ولا للعرب فقط ولا للإنس فقط ولكن للإنس والجن، فقال عز من قائل (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، فآمن به كثير من الثقلين, فكان خطابه للجن والإنس عامة قال تعالى ( يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان).. وكان الجن يستمعون للرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو يتلو القرآن قال تعالى ( قل أوحي إلي إنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً)..
فهذه المناسبة العظيمة على كل مسلم بل إنها عظيمة على البشرية جمعاً، ينبغي أن نقف أمامها جماعات وأفراداً, لنشكر الله أولا أن جعلنا مسلمين ومَنَّ علينا بخير الخلق أجمعين, ثم نراجع سلوكنا في واقع حياتنا من سلوك المصطفى- عليه افضل الصلاة وأتم التسليم- سواء في العبادات أو في المعاملات أو في واجباتنا نحو ديننا وضرورة أن تكون سلوكياتنا قدوة لغير المسلمين حتى نؤثر فيهم، نعكس كل ذلك سلوكاً عملياً لا شعارات جوفاء وأداءات خرقاء.. فرسولنا الأعظم يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقبل ذلك يقول الحق سبحانه( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)..
المسلمون اليوم مسئولون عن ضلال كثير من العالم الغير مسلم, بسبب سلوكياتهم المناقضة لجوهر الدين، ولصراعاتهم مع بعضهم واستباحة دماء بعضهم البعض ودماء غير المسلمين من الأبرياء، وادعاء البعض بأن محمد بن عبدالله- عليه سلام الله- خاص به وأن له حق إلهي على سائر الناس!!.
أيها النخب ممن يدعون أنهم صفوة المجتمع وعلماء المسلمين.. والله إنكم ستتحملون الوزر الأعظم أمام الله عز وجل لإشاعتكم الفرقة والطائفية والعنصرية في أوساط المسلمين بخلاف دعوة المصطفى عليه السلام, الذي أنزل الله عز وجل عليه في محكم كتابه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) وقوله لأسرته ولفاطمة بنته وأحب الناس إليه:( أخشى أن يأتون الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم)..
دعوة من القلب لكل الفئات والمذاهب أن نتقي الله ونعيش إخوانا متحابين، وننبذ الفرقة والصراع لأن المحبة طريقنا إلى الجنة، قال عليه السلام :( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوُّا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم).. فلا نقزم هذه الدعوة العظيمة والرحمة المهداة للعالمين وفقاً لأهوائها او لمكاسب دنيوية تافهة، فدين محمد يسع الجميع سواء بسواء, لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى، وليس بين الله وبين الناس نسب..
اللهم الّف بين قلوب المسلمين, ووحد كلمتهم على دينك واهدنا جميعاً إلى سبيل الرشاد، وصل وسلم وبارك على صاحب هذه الذكرى العطرة سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته إلى يوم الدين.
وكل عام وأنتم والشعب اليمني أجمع في ألفة ومحبة وسائر بلاد المسلمين.
محمد مقبل الحميري
بمناسبة ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام 1523