في هذه الأيام وبعد الثورات العربية زاد وعي الشباب في المجتمعات العربية وأصبحوا أكثر إدراكاً للوضع السياسي القائم وهذا شيء جيد, لكن هناك أثر سلبي نتج عن الإفراط في السياسة وهذه المشكلة ليست جديدة لكنها زادت تعقيداً فالمفكر السياسي الإسلامي "مالك بن نبي" -رحمه الله- كان قد قال هذا وأكد أن المجتمعات الإسلامية تعاني من (فرط شين) بعد الثورة تطلعات الشباب عالية وهناك سيلاً عارماً إلى المطالبة بأن تقوم الحكومة بكل شيء على حين يظل معظم الناس غافلين وعاملين عن البذل في سبيل الأهداف المرجوة.. الشباب يظنون أن بمجرد إصلاح وتغيير الحكومة ستتغير الأمور وفي هذا السياق عندما تظهر للثائر شيئاً مخالفاً لفهمه تجده يتذمر ويتهم الآخرين القائمين على الحكومة بالتقصير وأحياناً الفشل وتجاهل مطالبه.. أنا هنا أحب أن أوضح وأؤكد لزملائي الثوار أن من المهم ينشغل بعض الناس بالعمل السياسي من خلال نشر الوعي بطبيعة هذا المجال ومن خلال إزالة اللغط الدائر حول القضايا الحاصلة في الساحة لكن المفهوم الذي ليس صواباً وعلى الجميع تفهمه أن الظن أنه بمجرد قيام دولة حسب المواصفات المطلوبة سوف نتخلص من المشاكل جميعهاً إن هذا أحد أكبر الأوهام انتشاراً كون عملية التنمية عملية ثنائية من جانب الحكومة ومن جانب الشخص نفسه الذي يكون عاملاً مساهماً في التطوير وبما أن العمل السياسي لا يتسع لكل الناس, فالمطلوب بحث كل شاب عن مجال يساهم فيه ومن خلاله في رفد الوطن.. نحن بحاجة إلى المبادرات والمشاريع الصغيرة والجمعيات الخيرية اللا ربحية التي تساهم في تشجيع وتحفيز الشباب والأطفال والناس والذين لا يقع الاهتمام بهم تحت أي وزارة أو مؤسسة حكومية أيها الأخوة بدلاً من مطالبة الحكومة بكل شيء خاصة أن الحكومة ما زالت هشة يجب أن نعمل من أجل الإسهام في ارقمي والقطاع الخاص والجمعيات هي الطريقة المثلى لتحقيق التكافل المنشود الذي يهم في دعم البلاد.. في أمريكا عام 2002م استطع القطاع الخيري جمع مبلغ 212 مليار دولار وهذا رقم فلكي وفي أمريكا 1.5 مليون مؤسسة لا ربحية وفي فرنسا 600 ألف مؤسسة لا ربحية في إسرائيل 30 ألف مؤسسة لا ربحية أما في مجتمعاتنا العربية فكل 5000 شخص لهم جمعية أو مؤسسة مقارنة بمؤسسة واحدة لكل 300 شخص في العالم الغربي مع العلم أن أعداد الذين يحتاجون إلى المساعدات في مجتمعاتنا أكثر من المحتاجين في العالم الغربي.. وانتهز الفرصة هنا لأدعو كل الشباب إلى العمل بروح الفريق الواحد من أجل الإسهام في دعم الدولة الوليدة في بلدنا, الذي يهدده مخاطر كثيرة أبرزها الاقتصاد المتردي والفوضى التي تسعى الثورة المضادة إلى خلقها.. وفي الخاتم أشكر الأخ طلال السراجي الذي أسهم في تأسيس جمعية بناء القدرات التعلمية في مديرية فرع العدين والتي ستنطلق في سبيل تحقيق الفكرة ذاتها والمتمثلة في المشاركة في صنع أجيالاً أكثر عملاً وإنتاجاً ممن ثقافة الاستهلاك والأشكال السلبية التي يعاني منها المواطن اليمني..
محمد المياحي
أزمة الشاب اليمني.. 1438