حرم الله النفس البشرية وجعل حرمتها أكثر من حرمة الكعبة, شرفها الله وذلك تمجيداً للنفس البشرية الغالية عند الله لأنها تحتوي على روح من عند الله ثم شدد الله العقاب لمن يتعدى على النفس بدون حق فسن له عقاباً عاجلاً وعقاباً آجل وهو أشد وانكى
ولكن لماذا يقتل الإنسان أخيه ويسفك دمه كما يسفك قربة من الماء؟ هل لأن الظلام استولى على الصدور وبدد فيها كل نور فلم تبصر سوى الخراب ولم تحقق سوى الأوهام ".
الم يعلم القاتل أن بفعلته الشنيعة قد يُتِم الأطفال ورملت النساء وهدم بيتاً ومحى نفساً كانت تسبح وتمجد الله ".
تلك اليد الغادرة التي امتدت نحو أياد بريئة واجتثت عروقها وامتصت دمائها كما يمتص النسر فريسته، أي قلب ذلك الذي يقتل بلا رحمة ولا شفقة؟ إنه قلب أحاط به الظلام من كل جانب واستولى عليه الران فلم يرى النور الساطع ولم يرى الشمس المشرقة ولم يرى الجمال المتألق, فليس له شبيه سوى الخفاش الذي لا يعجبه غير الظلام وإذا جاء النور لا يبصر وأي سياسة تقر ذلك أو تنص على قتل الآخرين بدون ذنب أحاط به أو جرم؟.. كلا ' فكل الديانات السماوية لا تقر قتل حيوان فضلاً عن البشر أيها القاتل: فيم قتلتني وأطفأت شمعتي المضيئة؟.
لماذا أيها القاتل استبدلت النور بالظلام والخير بالشر والبناء بالهدم وهل اصبح القتل في زماننا هذا هدية يهديها القاتل متى شاء ولمن يشاء وربما اصبح البشر في يد القاتل كلعبة في يد طفل يلعب بها ومتى ضجر منها رماها جانباً ".
يا من اقتلعت الزهور المتفتحة المشرقة واستبدلت مكانها الشوك " يامن حطمت النفوس البريئة وزرعت الحزن مكان الفرح " يا من صوبت رصاصتك الغادرة نحو روحي الطاهرة, ونسيت عدالة السماء ونسيت النفس ومن سواها وبث فيها الروح واحياها ".
ثم لماذا شرع الله القصاص لعباده؟ شرع الله القصاص كي لا يصبح القتل فوضى عارمة ومن كان له حق عند أخيه فيأخذه بالمعروف والحسنى, أما من يأخذ حقه بالقتل فذلك ملعون لأن يداه ملطخة بالدماء الطاهرة ' ومطرود من رحمة الله؛ لأن قلبه قد امتلأ بالشر ولم يتسع للخير ' وخالد في جهنم؛ لأن جسمه استحق ذلك الخلود وذلك باقترافه اقبح الجرائم عند الله ".
وها نحن اليوم في زمن الغواية في زمن أصبح الكلب البوليسي له حرمة أعظم من حرمة النفس البشرية عند أولئك القتلة "، واذكر أخي القارئ بما جاء عن معلم البشرية قوله" إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها "، وذلك تقديراً للحياة فكيف بالبشر.
محمد حمود الاهدل
القتل في زمن الغواية 1262